وصف الكتاب:
شعر بحاجته الشديدة إلى سيجارة، شم رائحتها فملأت خياشيمه. تلفت فلمح أحدهم يدخن بحذر، كان يضع السيجارة في راحة يده فلا يظهر منها سوى الفلتر الذي يضعه في فمه فتتوهج السيجارة في راحة اليد دون أن يلمحها أحد، آخر كان يجلس بجانبه يبدد الدخان بكرتونة في يده، لو لمحه أحد حراس البوابة فسوف يكون عقابه صارماً. كانوا معه في زنزانة واحدة في القسم لذا فهم يعرفون أنه يدخن كثيراً، وكان يعطيهم مما معه، اقترب منه الذي يدخن وأعطاه السيجارة فأخذنا متلهفاً وامتص نفساً عميقاً ابتلعه ثم بدأ يخرجه ببطء، وأحس بدوار وخدر لذيذ، له يوم كامل لم يدخن، ترك له السيجارة وانضم إلى زملائه وأخذوا يبحثون فيما بينهم ثم رجع إليه وقال له: أنا شاورت الزملاء وقررنا أن تدخن أنت فقط، وأخرج من ثنية رجل البنطلون ثلاث سجائر، كذلك فعل الآخرون فكان المجموع ثلاث عشرة سيجارة من ماركات مختلفة تكومت أمامه، قالوا أن السجائر تؤثر فيه بشكل كبير وهم يرونه متعباً من عدم وجودها بينما يستطيعون التحمل. لم يستطع الكلام، فهذا الموقف النبيل لا يجد له مبرراً خاصة أنه لا ينتمي إليهم ولا يجمعه بهم سوى الحبسة، لكنهم أسروه بهذا الموقف. قرر أن يخبئ السجائر تحت البطانية فهي مكان آمن، وإنه يستطيع تدخين سيجارة كل ساعة حتى موعد الزيارة في الغد.