وصف الكتاب:
قد أشار في هذا الكتاب إلى بعض ملامح التشابه والإلتقاء في بعض القيم الأدبية الغربية والعربية، ثم ظهرت الترجمة العربية للإلياذه وألف بعد ذلك قسطاكي الحمصي كتاباً بعنوان (فهل الوارد في علم الإنتقاد) تناول فيه بعض القضايا التاريخية النقدية مشيراً إلى وظيفة النقد وقواعده.وقد أعقب هذه الإجتهادات الفردية إجتهادات جماعية تمثلت في مدارس النقد العربية الحديثة: الديوان، المهجر، أبولو، ثم توسعت بعد ذلك الدراسات النقدية التي حاولت أن ترصد حركة الأدب العربي الحديث وتقارن بينه وبين الآداب الغربية، وكانت تلك الدراسات تقوم في أكثرها على إجتهادات وفرضيات أخذت تتصيد مواطن التشابه والإلتقاء بين إجراءات النقد العربي والإتجاهات الأدبية الوافدة تمهيداً لتصنيفها وبيان مظاهر إستقلالية النقد العربي عن تلك الإتجاهات أو تأثره بها.وليس من خلاف حول أثر الآداب الغربية الواضح في الأدب العربي الحديث، فقد شهد الأدب العربي الحديث في هذا العصر آفاقاً جديدة في إتجاهاته وأجناسه وقيمه الفنية مما جعل الدعوة إلى تبني منهج نقدي عربي تلح على كثير من النقاد، الذين أخذ بعضهم يتلمس في النقد العربي قديمه وحديثه ما يمكن أن يرسم ملامح أو معالم منهج نقدي مستقل، دون إغفال الإستعانة ببعض الإتجاهات النقدية غير العربية لإنجاح هذه المهمة.ولا بد من الإشارة إلى محاولتين أحداهما للدكتور محمد مندور وقد أطلق عليها المنهج الإيديولوجي في النقد، وقد حدد وظائف هذا المنهج في نقاط ثلاث: تفسير الأعمال الأدبية والفنية عن طريق الشرح والتعليل، وتقويم العمل في شكله ومضمونه، ثم تبصير الأدباء والفنانين بقيم العصر ومتطلباته، وقد بقي هذا الإتجاه في دائرته النظرية.أما المحاولة الثانية فقد نادى بها سيد قطب في كتاب (النقد الأدبي أصوله ومناهجه) وقد تناول المناهج الفنية والتاريخية والنفسية، وخلص من عرضه لتلك المناهج إلى محاولة تأصيل ما أسماه بــ(المنهج التكاملي)، ويتابع الباحث وفي هذا الإطار عن المشوار الذي قطعته عملية النقد الحديث، وقد كان قد تناول أولاً موضوع النقد القديم وماهياته، لتكتمل بذلك مباحث هذا الكتاب التي أخذت منه عقوداً ثلاثة عن عمل أنضج رؤيته حول مرتكزات هذا الديوان النقدي وتحرير مفاهيمه تحريراً دلالياً وآخر وظيفياً، تمهيداً لتفعيل الحديث في القديم والقديم في الحديث، إذا حرك القديم حديثاً، وأضاف الحديث ما يلائم القديم بنياناً له أصوله الإنتمائية وتطلعاته المستقبلية. وقد كشف المؤلف في كتابه هذا العلاقات التدويرية بين قديم النقد وحديثه الذي استمد وحدته وروحه الحية من روح مصدره العلوي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؛ المصدر الذي لا يعرف التوقف أو الإنقطاع عن إستمرار مهمته في إقامة الحياة السوية، ومن ضبط الإيقاع الحركة للمنتمين إليه.وعلى هذا، فقد فقد تم تقسيم مباحث هذا الكتاب ضمن بابين: الأول: ديوان النقد القديم، والآخر: ديوان النقد الحديث، سبقهما تمهيد عن النقد المنتمي، وخاتمة من النهاية أوجزت ما يريد الباحث قوله حول عمله هذا.