وصف الكتاب:
أراد الله للإسلام أن يكون ديناً، وأراد به الناس أن يكون سياسة والدين عام إنساني شامل، أما السياسة فهي قاصرة محدودة قبلية محلية ومؤقتة. وقصر الدين على السياسة قصر له على نطاق ضيق وإقليم خاص وجماعة معينة ووقت بذاته. الدين يستشرف في الإنسان أرقى ما فيه وأسمى ما يمكن أن يصل إليه، والسياسة تستثير فيه أحط ما يمكن أن ينزل إليه وأدنى ما يمكن أن يهبط فيه. وممارسة السياسة باسم الدين أو مباشرة الدين بأسلوب السياسة يحوله إلى حروب لا تنتهي وتحزبات لا تتوقف وصراعات لا تخمد وأتون لا يهمد، فضلاً عن أنها تحصر الغايات في المناصب وتخلط الأهداف بالمغانم وتفسد الضمائر بالعروض. لكل أولئك فإن تسييس الدين أو تديين السياسة لا يكون إلا عملاً من أعمال الفجار الأشرار أو عملاً من أعمال الجهال غير المبصرين، لأنه يضع الانتهازية عنواناً من الدين، ويقدم للظلم تبريراً من الآيات، ويعطي للجشع اسماً من الشريعة، ويضفي على الانحراف هالة من الإيمان، ويجعل سفك الدماء ظلماً وعدواناً، عملاً من أعمال الجهاد.