وصف الكتاب:
الباحثة لا تسلط الأضواء على هذه القبيلة القحطانية التي اتخذت من هذا الوادي القائم في ملتقى طرق القوافل التجارية المتلاقية من الشمال والجنوب مسكناً إلا وتناول يد الزمن سجلات محفوفة بالقدسية وعليها جلياً يلحظ القارئ أن بين هذه القبيلة قد هبط إبراهيم بإسماعيل وله من العمر ثلاثة عشر عاماً مقبلاً به من تلك البقاع التي إليها قد نزح في أعقاب النهضة السامرية وعهد "أورنامو"، غداة ترك إبراهيم "أور" وطناً وإلى تلك الأرض التي بلغ فيها منشود الثراء المادي وأصبح مرهوب الجانب ومخطوب الود بين الآباء القبليين ارتحل، فليس إلا على هذه السجلات المغلفة بالقدسية نرى أن لهذا الوادي قد اختار إبراهيم ليقيم لإسماعيل ملكاً وضع منه الأساس لحظة انعقدت صلة إسماعيل بجرهم عن طريق ابنه سيد جرهم، وأما الصرح من هذا الملك فقد قام فيما بعد عقد هذه الرابطة بفترة من الزمن سجلتها تلك اللحظة التي وقف فيها إبراهيم على أنقاض معالم قديمة لمعبد عتيق يرسل الصوت في الأرجاء الجرهمية ليروح بينها أصداء تدوي بأن إليه قد صدر الأمر الإلهي ليقيم للإله بيتاً... ومن ثم كان قيام هذا "البيت" الذي حتمت لغة بانيه أن يطلق عليه اسماً بابلياً، ولما كانت الكلمة البابلية للبيت هي "مكة" فقد عرف الوادي نسبة إلى "البيت" بالاسم البابلي للبيت، الذي بنشأته كبيت قدسي بدأت حوله تقترب الفلول الجرهمية لتستقر بجانبه به متبركة ولتبدأ في تاريخ المدن مدينة تحمل اسم "مكة". ضمن هذه الرؤية اختارت الباحثة متابعة الحركة الدينية وذلك ضمن المراحل التطورية للإنسان في شبه الجزيرة العربية.