وصف الكتاب:
التخريج هو عزو الحديث إلى مصدره، أو مصادره من كتب السنة المشرفة، وتتبع طرقه وأسانيده، وحال رجاله، وبيان درجة قوته وضعفه. نشأ هذا الفن عندما إستقر تدوين السنة النبوية في الجوامع، والمصنفات، والمسانيد والسنن، والمعاجم والصحاح، والفوائد والأجزاء، وعندما إبتدأ علماء المسلمين بتصنيف علوم الشريعة كالفقه وأصوله، والتفسير، وعلوم القرآن، والقصائد، واللغة والزهد وغيرها من العلوم. إستدل هؤلاء المصنفون بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنته الطاهرة بإعتبارها ثاني مصدر تشريعي بعد كتاب الله عز وجل، فذكروها بأسانيدها، وبم يعزوها إلى مكانها من كتب السنة المعروفة والمشهورة، على طريقة المؤلفين القدامى في الإقتصار على الأسانيد والمتون، والبعض الآخر من المؤلفين ذكر متون الأحاديث، ولم يذكر أسانيدها ولا الكتب التي خرجت ورويت فيها. والبعض الآخر يذكر قول فقيه أو قاعدة فقهية فيصيرها حديثاً، ولذا عمد بعض علماء الحديث إلى تخريج هذه الأحاديث التي ذكرت في بعض المؤلفات، ليقف طالب العلم على حقيقية المرويات، وتطمئن نفسه للدليل الذي إستدل به المؤلف، صحيحاً كان أم ضعيفاً، سالماً من العلة، أو معلولاً، ومسنداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو موقوفاً من رواه. من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب الذي سلك فيه الشيخ أبو الغيض الغماري مسلك التخريج للحديث بجميع طرقه ورواياته، وما دخل في بابه، وتناول عمل السابقين في هذا العلم، فوافق بعضه، وعارض بعضه الآخر، وله مناقشات وردود دلت على طول باعه في علم الحديث، شبيهة بمناقشات الحافظين: الزيلعي وعبن حجر العسقلاني، وهذا مما يندر وجوده في القرن الخامس عشر الهجري. وطريقته في التخريج أن يرد الحديث للكتب السنة، إن وجد فيها، ولا يكتفي بذلك، بل يرده لكل من علم أنه يرويه، ذاكراً سائر الطرق والأسانيد، ومختلف الروايات والألفاظ للحديث الواحد، حتى غدا كتابه موسوعة شاملة في علم الحديث، تجمع شتات تخريج الحديث الواحد من شتى التصانيف. والكتاب الذي هو محور عمل الشيخ الغماري بداية المجتهد هو أيضاً في الكتب الهامة في مجاله. فهو كتاب في الفقه على مذهبي إمام المدينة المنورة مالك بن أنس، وقد إستوفى فيه القاضي أبو الوليد إبن رشد (الحفيد) كتب الفقه وأبوابه جميعها بدءاً من كتاب الطهارة فالصلاة... وإنتهاءً بكتاب الأقضية. ومن الطوابع المميزة للكتاب أنه يستعرض المسألة الواحدة على مذهب الإمام مالك، ثم على سائر آراء الفقهاء المعتبرين عند جماعة المسلمين كالإمام أحمد بن حنبل، وأبي حنيفة النعمان، ومحمد بن إدريس الشافعي، وإسحاق بن راهويه، وأبي ثور، وسفيان الثوري، والأوزاعي... إلخ. ولا يكتفي بذلك، بل يأتي أحياناً بآراء المجتهدين ضمن هذه المذاهب من أصحاب أبي حنيفة، والشافعي وغيرهم. ويناقش هذه المسألة من جميع وجوهها، فيبين أوجه الإتفاق فيما إتفقوا عليه، وأوجه الإختلاف فيما إختلفوا فيه مورداً حجج كل واحد منهم، ثم يرجح بعد كل ذلك مايراه صواباً، وهذا إنما يدل على علوّ شأن إبن رشد في الفقه، ليس ضمن مذهبه المالكي فقط، بل وفي الفقه الإسلامي عامة. ونظراً لأهمية هذا الكتاب من حيث المتن ثم الشرح والتخريج، فقد تم الإعتناء به، فجرت عملية التحقيق على الشكل التالي: 1-ترتيب نصي الكتاب بتقسيم النص إلى فقرات مع وضع علامات الترقيم. 2-ضبط الآيات بالشكل وتخريجها. 3-ضبط الأحاديث النبوية بالشكل وعزوها إلى مصادرها. 4-ضبط أسماء الأعلام بالعودة إلى الكتب المتخصصة في الرجال والأنساب. 5-إضافة بعض التعليقات في بعض المواضيع لإيضاح الأمور المشكلة. 6-إغناء الكتاب بالفهارس.