وصف الكتاب:
مشكل الآثار للإمام الحافظ أبي جعفر أحمد بن سلمة الأزدي المعروف بالطحاوي هو كتاب يحتوي على معان حسنة وفوائد جمة غزيرة، ويشتمل على فنون من الفقه وضروب من العلم، دعاه إلى ذلك ما ذكر في خطبة كتابه حيث قال: إني نظرت في الآثار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأسانيد المقبلة التي نقلها ذوو التثبت فيها والأمانة عليها وحسن الأداء لها، فوجدت فيها أشياء مما سقطت معرفتها والعلم بما فيها عن أكثر الناس، فمال قلبي إلى تأملها وبيان ما قدمت عليها من مشكلها، ومن استخراج الأحكام التي فيها، ومن نفي الإحالات عنها، وأن أجعل ذلك أبواباً، ذكر في كل باب منها ما يهب الله لي من ذلك فيها حتى أبين ما قدرت عليه منها... وكان تطويل كتابه بكثرة تطريقه الأحاديث، وتدقيق الكلام فيه حرصاً على التناهي في البيان وذلك على غير ترتيب ونظام، لم يتوخ فيه الإمام الطحاوي ضم باب إلى شكله، ولا إلحاق نوع بجنسه، حيث يجد القارئ مثلاً أحاديث الوضوء فيه متفرقة من أول الكتاب إلى آخره، وكذلك أحاديث الصلاة الصيام وسائر الشرائع والأحكام، فصارت بذلك فوائده ولطائفه منتشرة متشتتة فيه يعسر على الباحث والطالب استخراجها منه، لذا عمد القاضي أبي الوليد الباجي المالكي إلى اختصاره اختصاراً بديعاً، تمّ له فيه ضم كل نوع إلى نوعه، ملحقاً كل حديث بموضوعه، ومتبعاً فيه ترتيباً حسناً، وحاذفاً من أسانيد الأحاديث وتطريقها، ومختصراً كثيراً من ألفاظه من غير إخلال بشيء من معانيه وفقهه، وذلك تسهيلاً على الطالب، وتيسيراً له عليه فهمه وتفحصه. ونظراً لأهمية هذا الكتاب تمّ الاعتناء به من جديد حيث تمّ ترتيبه ترتيباً جديداً وذلك بذكر الأحاديث المتضمنة لمعرفة النبي صلى الله عليه وسلم بأسمائه وصفاته، ثم بمعجزاته وسنه ووفاته، ثم الشرائع والأحكام، كتاباً كتاباً، ثم ما كان منها من تفسير القرآن وأسباب النزول على ترتيب المختصر، من غير عدول عن ذلك في شيء، مع الإشارة في أثناء الكلام إلى اعتراضات القاضي الباجي واستدراكاته، وإلى أجوبة بعضها مع إيراد جميع ما زاد فيه من الموطأ، وتحصل في هذا الكتاب في طبعته هذه تسع مائة وثلاثة وثلاثون حديثاً سوى ما سبق فيه على سبيل الاحتجاج للقول المختار.