وصف الكتاب:
المختصر في علم التأريخ مؤلف لطيف الحجم، فرع مؤلفه من تدرينه ضحى يوم الثلاثاء، ثامن رجب سنة 867هـ/1463م، مرتباً له على مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة. أما المقدمة، فقد اشتملت على ستة عناصر، وهي: 1-الإشادة بفوائد علم التأريخ، إذ هو من جملة العلوم النافعة في المبدأ والمعاد وما بينهما، كما أن فوائده وغرائبه لا تعد ولا تحصى، وهو بحر الدرر والمرجان، لا يحيط بمنافعه نطاق التحديد والتبيان، وفيه عجائب الملك والملكوت، وفيه إيصال إلى جناب الحق ذي العظمة والجبروت. 2-دافعه إلى تأليفه: ...وقد دعاني الحدب على أهل الأدب والأرب إلى جمعه في قوانين الضبط والبيان، بقدر الوسع والإمكان. 3-عنوان الكتاب: اتفقت النسخ الأربع على تسميته بـالمختصر في علم التأريخ، وتطابقت هذه التسمية -كذلك- مع ما جاء في خواتيمها. 4-تنظيم مادة الكتاب: ورتبته على ثلاثة أبواب. 5-الغرض من تأليفه: اتحاف الأخوان، راجياً من الله الذكر الجميل في الأولى، والأجر الجزيل في الأخرى. 6-الاحتياط لما هو بصدد الكتابة فيه: إذ أن جمعه لمادته بقدر الوسع والإمكان، كما أن جامعه بمراحل من جانب التصدي لذلك الخطب العظيم الشأن. وأما الأبواب الثلاثة، فقد جعل الأول منها في مبادئ علم التأريخ باحثاً فيه نقاطاً عشراً، وهي: 1-التعريف بلفظة التأريخ، 2-التعريف بالزمان، 3-التعريف بأقسام الزمان لغوياً وفلكياً، 4-السبب في اتخاذ المسلمين التأريخ، 5-العلة في التأريخ من لدن الهجرة، 6-التأريخ لاتخاذ المسلمين التأريخ، 7-حصر التواريخ المشهورة في زمن مؤرخنا، 8-الإشارة إلى موضوع علم التأريخ، 9-التعليل لوجوب الاحتياج إلى علم التأريخ، 10-الشروط الواجب توافرها في المؤرخ. بينما جعل الباب الثاني في أصول علم التأريخ ومسائله، وقد أشير من خلاله إلى أن مقصود المورخ نوعان: نوع مقصود أصلاً وبالغرض، وهو ضبط الإنسان في طبقاته الثلاث: العليا (الأنبياء والرسل) والوسطى (الأولياء والمجتهدين والأبرار) والسفلى (من عداهما) على وجه معتبر، ونوع مقصود تبعأً وبالعرض. أما الباب الثالث، فقد جعله في بيان شرف أهل العلم، وفي فضل العلم، وفي بيان ما يفيد التذكير والاعتبار، مدللاً على صحة المقصد الأول بالقرآن والسنة والأثر والمعقول، منتهياً إلى أن لذة العلم أعظم اللذات، كما أن ألم الجهل أشد الآلام، مقرناً ذلك بقصتين قصيرتين تأتيان في باب التذكير والاعتبار، مع سهولة مأخذهما، والوقوف على الغرض من ذكرهما. وأما الخاتمة، فقد شغلت عدة سطور، أريد بها التأريخ لفراغ مؤلفه من تحريره. وتذكر أخيراً أن هذا المؤلف اقتضبت مادته اقتضاباً جعلها في كثير من جوانبه أشبه برؤوس الموضوعات -مهماً في بابه، لكونه الكتاب التراثي الوحيد -فيما أعلم- المؤلف في مصطلح التأريخ مستوفياً لجانبيه النظري والتطبيقي، إذ ما سبقه في موضوعه لا يعدو كونه فصولاً مطولات في صدر بعض الموسوعات التأريخية. كما كان هذا المؤلف فاتحة للتأليف المستقل في مووضعه -مع الفارق في استيفاء عناصر الموضوع -بحيث ألف السخاوي كتابه الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التأريخ، وألف السيوطي كتابه الشماريخ في علم التأريخ، استمداداً منه، وإضافة عليه.