وصف الكتاب:
لقد ذهبت إلى باريس في شهر نوفمبر لقضا أسبوع هادئ أنعم فيه بالاسترخا بعد فترة من الانشغال في العمل وكنت أريد التجول في بعض المعارض وأرى الأصدقا ولكن الأهم من ذلك كله كنت أريد أن أجلس على أرصفة المقاهي لرؤية العالم وهو يمضي ولأفكر في بعض الأفكار الجديدةكانت الشقة التي أمكث فيها تقع في حي ماريه وتبعد خمس عشرة دقيقة سيرا على الأقدام من مسرح الباتاكلان كنت قد عدت لتوي إلى المنزل بعد مقابلة أحد الأصدقا لتناول مشروب فشغلت التليفزيون لمشاهدة الأخبار الأخبار التي لم أكن قد سمعتها بعد حيث كانت المذبحة الوحشية التي وقعت في المسرح والمقاهي القريبة منه تذاع على الهوا وكنت أستطيع أن أسمع صفارات الإنذار ذاتها عبر نافذتي المفتوحة حيث كانت سيارات الإسعاف وخدمات الطوارئ تتسابق نحو المناطق التي تم الهجوم عليها في مسا تلك الجمعة فقد قتل مائة وثلاثون من الأبريا وأصيب أكثر من ثلاثمائة وخمسين شخصاكان يوم السبت هو يوم ما بعد الفاجعة وكان معظم سكان باريس يمكثون في منازلهم يواجهون أحزانهم أو غضبهم فأخبرني أحد كبار السن في المتجر الفارغ بخلاف المتوقع أن الوضع يذكره بباريس حينما كانت تحت الحصار خلال الحربكان يوم الأحد يوما مشمسا وساطعا على النقيض من الحزن والكمد وحالة عدم التصديق التي كانت تخيم على البلاد فقابلت بعض الأصدقا على الغدا في جزيرة سانت لويس في منتصف باريس وتناولنا الطعام في الخارج على طاولة منصوبة على الرصيف وسرنا تحت أشعة الشمس وسط زحام الناس المعتاد الذين كانوا يستمتعون بمدينة جميلة لكنها مدينة كانت قد تعرضت لجرح كبير قبل يومين ثم شاركنا في المسا آلاف من الناس في وقفة تأبين خارج دار العبادة من أجل الضحايافي الأيام التي تلت ذلك أثار دهشتي الشعور بالتحدي المشترك الذي كان موجودا في الشوارع فقد كان المارة يتعارفون على بعضهم البعض بنظرة بابتسامة حزينة بإيماة كما لو كان رثا عن طريق تبادل الود حيث كانت الإرادة الموحدة في وجه الإرهاب ملموسة ومدهشةوقد جلست في المقاهي وتقابلت مع الأصدقا لكن أفكاري كانت قد تحولت حينها إلى السؤال كيف يمكن للسلام أن يأتي من العنف وإلى أهمية التمسك بسلامنا وقوتنا الداخلية في وجه المحنة وكيف أن كثيرين من سكان باريس ومواطني العالم يفكرون في الشي ذاتهبدأت أفكر في جوانب مختلفة للسلام وأهمية الربط بين السلام الداخلي للعقل والسلام الخارجي للعالم وبما أن كلا منا مرتبط بالعالم وبكل الأحداث التي تحدث أو تهدد سلامنا فمن المهم هكذا يبدو لي أن نفتح أعيننا ونشعر بالعالم من حولنا فعلاقتنا مع الآخرين على أي مستوى سوا العائلة أو الأصدقا أو العمل مرتبطة في الأساس بسلامنا الداخلي والعكس صحيح فحياتنا تفاعل مستمر مع العالمولا يمكن للكلمات أو المثل العليا أن تخفف من آلام فقد شخص مقرب في ظروف غير سلمية في تلك اللحظة ولكن كي لا تظل الكلمات مجرد كلمات رمزية أعتقد أنه بإمكان كل منا من داخله أن يزيد مستويات السلام من خلال الفهم والتعاطف وأن يسهم في تطوير السلام في العالمفقررت أن أبحث في السلام بجميع أشكاله واستخلاص الأفكار من الخبرا والمفكرين فيما يتعلق بكيف نتعامل مع عوالمنا الداخلية والخارجية كي نجد طرقا لسد الفجوات بين الاثنين وقررت أيضا أن أكتشف كيف نستطيع أن نسعى لأن نعيش حياة أكثر سلمية رغم أو حتى بسبب ما يمكن أن يقابل ذلك من صعوباتتيدي روان مايو