وصف الكتاب:
مثِّل عهد سليمان باشا - المعروف بأبي ليلة - وسَلَفيه حسن باشا وابنه أحمد باشا بدايةً لمرحلة مهمة من تاريخ العراق في العصر العثماني، وهي ما عُرف بعهد حكومة المماليك. وكان ظهور المماليك في العراق جزءًا من ظاهرة عامة انطبعتْ آثارُها على معظم أرجاء الدولة العثمانية؛ فقد أدَّى الفراغ الناجم عن ضعف السلطة المركزية، والانحسار الفعلي للوجود العثماني من أقاليمها العديدة، إلى ضرورة قيام سلطات محلية قوية تمكَّنت من ملء الفراغ الناشئ عن ذلك الانحسار، وهكذا نشأت في أقاليم مختلفة من الدولة حكوماتٌ محلية، واءمت - بدرجات متفاوتة - بين استقلالها الإداري والعسكري الفعلي، وبين وجودها ضمن السيادة العثمانية الرسمية، مثل المعنيين في لبنان، وآل العظم في دمشق، وآل القره مانلى في طرابلس الغرب، وحكومة علي بك الكبير في مصر. أما العراق - الذي عانى من التدهور السياسي والعسكري، منذ الاحتلال المغولي في القرن السابع الهجري (الثالث عشر للميلاد) - فإن عدم وجود حكومة عثمانية مركزية قوية قادرة على ممارسة سلطتها فيه، وازدياد نفوذ القبائل البدوية والريفية وتسلُّطها على المدن - قد أدَّى إلى تعرضه إلى أخطار حقيقية، كان يمكن أن تغيِّر وضعه السياسي برمته.