وصف الكتاب:
يبدو من هذا الغلط أن كل القيم والأحكام الكلية التى افترضنا فيها الصدق يتضح من فحصها أنها جزئية وكاذبة أي عكس البناء النسقي، الأمر الذي يوجب الحكم على الأحكام الكلية بالكذب، كما أن صدق القضايا الجزئية يؤدي حتما إلى جهلنا بحقيقة القضايا الكلية الموجبة ونقيض ذلك محال ولا يقبله العقل. أضف إلى ذلك أن عدم الدقة في استخدام الألفاظ والمصطلحات في صياغة السياقات المنطقية يجعل منها غلط أو سفسطة أو عبارات عبثية، ويبدو أن خطاب الميدان لم يفطن إلى تلك الحقيقة فمن أشهر الشعارات التي رددها المتظاهرون (الشعب يريد إسقاط النظام) ويعني ذلك الرغبة في تفكيك الدولة وإشاعة الفوضى ومثل ذلك الاعتراف يستوجب العقاب لأمرين: أولهما أن أجهزة الأمن أقسمت أن تحافظ على ثوابت الدولة وبالتالي يحق لها دحض كل من يريد إسقاط النظام، وثانيهما إعراب الشعب عن رغبته في الحرية والعدالة والكرامة والعيش وكل هذه المطالب لا يمكن تحققها إلا في نظام، وعليه فشعار الميدان غير منضبط من الناحية الدلالية فكيف يسقط النظام ويطالب بوجوده في آن واحد في ضوء ثوابت هي العدالة والأمن والحرية؟ فشتان بين المطالبة بتغيير رأي النظام أو الإطاحة به أو نقض الحكومة والرغبة في تغييرها، وإسقاط النظام الذي تقوم عليه كيانات الدولة.