وصف الكتاب:
ربّما غير قليلة الأعمال الروائية العربية التي عُنيت بتفكّك الاتحاد السوفيتي وتشظيه إلى جمهورياتٍ مستقلٌ بعضها عن بعض، لكنّها ندرةٌ الأعمال التي استطاعت أن تقرأ ما حدث لتلك الدولة العظمى وهي تنهار، أو تبدأ بالانهيار، ومن تلك الندرة هذه الرواية التي خطّها مبدع سوريّ تعرّف إلى ذلك الذي حدث من الداخل، فدوّنَ ما يمكن وصفه بالوثيقة عن تحولات مجتمع من مرحلة إلى أخرى، بل عن منعطف حادّ في تاريخ ذلك المجتمع ومصائر الناس فيه. “سرير من الوهم” تتابع تلك المصائر على نحوٍ يكاد يخصها وحدها، بل يؤكد عمق معرفة مبدعها بما كان يمور في رحم المجتمع السوفييتي وهو يمضي من حالٍ إلى آخر، ويتقلّب على جمرٍ ثم آخر. هذه الرواية تخييل سرديّ يستجلي ما كان يضطرم تحت قشرة الواقع في ذلك المجتمع من عطب، بل مقدّمات خراب على نحو أدقّ،وما يبعثره أشلاء يكاد بعضها يضاد بعضها الآخر، ويضع كلاً منها في مواجهةعطالة على غير مستوى، بعد أن كانت، مجتمعة، تمثّلُ القوّة الأكثر عناداً ضدّ الوحش الإمبريالي الذي لمّا يزل يمعنُ في تسليع كلّ شيء، بما في ذلك قيم الحقّ والخير والجمال. وإذا كان من الممكن وصف هذه الرواية بأنّها مغامرة سردية عن الآخر غير العربيّ، فيمكن وصفها بأنها مغامرة سردية عن الذات بآن، بل عن هذه الذات وهي تتورّط، بالمعنى المجازيّ، في معرفة ذلك الآخر، وتنجزُ عالماً تخييلاً يستعيد إلى الذاكرة ما كانت الرواية العربية مضت إليه في مغامراتها الأولى عن علاقة الشرق بالغرب من جهة، وعن وعي الذات بالآخر من جهة ثانية. “سرير من الوهم” علامة في المدونة السردية العربية حول مرحلة مهمة من تاريخ الاتحاد السوفييتي، تاريخ قاسٍ، ومؤلم، وعصيّ على الفهم أحياناً، وهي مدوّنة بنفسها عن ذلك التاريخ وهو يتصدّع، وعن شرق وهو يحاول أن يتكوّن، ولعلّ أبرز ما يميزها في هذا المجال أنّها تكتفي بالتأريخ لذلك، عبر الفنّ الروائي، من دون أن تسقط ضحية التأريخ، بل تفعل ذلك ومبدعها يدرك أنه ينجز فنّاً، ولا يسرد تاريخاً، ويمسك بمغامرة السرد بوصفها مغامرة في الفنّ، لا وثيقة عن هذه المرحلة أو تلك من تاريخ هذا المجتمع أو ذاك.