وصف الكتاب:
إن ما يجري على الساحة العربية اليوم، وفي ميادينها العامة، يؤسس لعهد جديد من الجرأة السياسية غير المسبوقة، ومن عودة الناس إلى دخول السياسة وصناعتها، وتبنيها آمال وتطلعات الناس، وإعادة إنتظامهم في ما قد يتجاوز محدودية رؤى النخب والأحزاب، القاصرة عن رؤية المشهد وتفصيلات الحياة اليومية، بما يليق بها من قوة الدفاع عن منجزات التغيير الجذري، فلم تعد الشعوب مطية الأنظمة الإستبدادية، التي لا ترى في المرايا سوى صورتها، حتي وهي تحاول تفادي السقوط، هرباً من الواقع إلى إصلاحات فات أوانها. إن القراءة السياسية الإجتماعية للحال الثورية العربية تؤكد أن الثورة والإنتفاضة الشعبية قد افتتحت مشهداً عربياً جديداً، يتجسد ويتبلور عبر هذه الحال الثورية، التي تطورت شعاراتها وأهدافها مع تطور الأحداث، بادئة بشعارات ضد الإستبداد والقمع، ومن أجل الحرية والكرامة، سرعان ما تطورت إلى المطالبة بإسقاط الرئيس، ثم المطالبة بإسقاط النظام كله، ثم امتدت إلى العديد من الدول العربية، للمطالبة بإسقاط الرئيس والنظام، في إطار حول ثورية جماهيرية عربية غير مسبوقة، في تاريخ العرب القديم والحديث والمعاصر، لن تتوقف عند التغبير الديموقراطي للمجتمعات العربية فحسب، بل ستفكك ما يسمى "حال الإستقرار" في البلاد العربية، التي تفتت بها كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، على أثر توقيع معاهدات وإتفاقات التسوية مع إسرائيل، بالتالي فإن مشهد الإنتفاضة والحال الثورية العربية سيؤدي بالضرورة إلى خلق مناخ ليبرالي ديموقراطي، يوفر فرص تفكيك وتجاوز شروط التبعية، والخضوع والإرتهان للسياسات الأميركية والإسرائيلية، عبر خطوات تدريجية صاعدة في المسار الديموقراطي العربي، وذلك إدراكاً لإختلاف الحال الثورية الشعبية الراهنة عن كل ما سبقها من ثورات، منذ عصر النهضة إلى اليوم، فهي تختلف عن الثورة الفرنسية، والثورة الأميركية، والثورة السوفيتية، كما تختلف عن الثورة البرتقالية التي قامت في بلدان أوروبا الشرقية ضد النظام الإشتراكي. ضمن هذه المناخات تأتي رؤية الكاتب الذي يحاول وضع الثورة المصرية الراهنة ضمن سياقها الإجتماعي السياسي في محاولة لتحديد الإستراتيجيات التي حركت تلك الثورة ومضامينها وأبعادها وأهدافها وصولاً إلى بناء دولة ديموقراطية معاصرة منفتحة على أبنائها مدققة لمطالبهم فيكونوا جزءاً منها وتكون كلهم. يطرح الكاتب ثورة مصر على بساط البحث مذكراً أنها تمثل مشروع نهضة... تبدأ بإسقاط النظام، وتكون على وعي فتحدد مبادئها وأهدافها وإستراتيجيتها لبناء مستقبل البلاد.