وصف الكتاب:
"إن كتاب الأمير هو أعظم مؤلفات ماكيافيلي وله لدى أهل الفضل كافة مكانة لم ينلها سواه من تصانيف صاحبه وعدا ذلك فإنه معدود بين الأسفار الخالدة في لغته الأصلية فلا عجب إذا عد في غيره كذلك. ويتعذر علينا أن نلم لمحاسن هذا الكتاب وفضل واضعه. وقد يجد الراغب فيما كتبه ماكولي النقادة الإنكليزي الشهير عن ماكيافيلي أكبر مؤرخي إيطاليا وأحذق ساستها ما يشفى الغليل. إنما أردنا للقارئ أن يستوعب ما كتبه ماكولي ليعلم كيف أنه في نقده نسخ آراء المؤلف ومسخها وغير فيها وبدل من معانيها. مع أنه كان يستفيد منها ويسترشد بها. غير أنه لم ير أن يكافأ صاحبها على فضله إلا بتوجيه سهام النقد إلى ما كتب والتشهير باسمه فنفر الناس بذلك عن كاكيافيلي وكتابه بعد أن أتهمه بأنه سن أقسى وأفظع النظامات ووصمه بابتداع أظلم خطه للتحكم في الأعناق. ومن العجيب أن يتهم مايكافيلي بذلك وهو الذي قضى أيام شبابه وكهولته في خدمة أهل وطنه والسعي في تأسيس بناء العدل ليعيشوا في ظله. وقد جلب عليه تطرفه فقدان منصبه في جمهورية فلورنسا. فهل يعدل في حكمه من يتهم مثل هذا الرجل بمساعدة أهل البغى والطغيان في مفاسدهم. إنما كتب ماكيافيلي ما كتب ليدل الناس على مواطن الغدر ليفطنوا إلى صفوف الخداع فيما يدبر ضدهم وما يدس لهم من الدسائس. ولو أن الناس قدروا قوله حق قدره وأعاروا آراءه أفئدة واعية ما تمكن أحد من أيذائهم. فمن الغبن والأمر ما ذكرت أن يعود اللائمون باللائمة على ماكيافيلي لأن كلامه ذهب صرخة في واد ونفخة في رماد. والعاقل لا يرى عتباً على قائل إذا ذهب قوله في الرياح. ولعل من لا يزالون يبغضون ماكيافيلي مقلدين في ذلك الد أعدائه وأشد خصومه يرجعون غلى رسائله ومكاتيبه الخاصة التي لا تزال محفوظة بخطه في خزائن الكتب العامة بفلورنسا ورمة ليتثبتوا صدق ما دونت من الحقائق". وقد آن للقارئ أن يبدأ بمطالعة الكتاب بذاته ليستطيع الحكم عليه حكماً مستقلاً شخصياً.