وصف الكتاب:
لا يزال الكتاب الذي بين يدينا ومنذ قرن تقريباً يحتل مكانة خاصة في الكتابات الاستشراقية، لا سيما في مجال الإحاطة بمشاكل النظام الأموي وملاحقة المعضلات الاجتماعية والاقتصادية التي كانت سبباً في سقوطه وانهياره. والكتاب عبارة عن بضعة أبحاث أو مقالات يبدو أن (فلوتن) وضعها في أوقات متفاوتة ثم أصدرها بالفرنسية، وهي غير لغته الأصلية، وذلك لحرصه، كما يشير في المقدمة، على أن يصل كتابه إلى أكبر عدد من القراء، حيث كانت الفرنسية لغة الاستشراق الأولى في ذلك الوقت. ولكن محور الكتاب يدور حول أبحاث رئيسية ثلاثة، محددة في العنوان كما يلي: الأول: السيطرة العربية La Domination Arabe ويضم مناقشات لقضايا اقتصادية واجتماعية من العصر الأموي، تبدأ بقضية الفتوحات ونظام الضرائب وأوضاع الموالي، وينتهي بحركة الإصلاح الفوقي التي قام بها الخليفة عمر بن عبد العزيز، واستمرت مع ثورة الحارث بن سريج وراء نهر جيحون. الثاني: الشيعة أو الشيعية Le Chiitisme، ويبحث في المعارضة السياسية في ذلك العصر، حيث انعقدت ريادتها للحزب الشيعي بأجنحته المختلفة. الثالث: المعتقدات المهدية أو المهدوية Les Croyance meaaianiques، وهو البحث الأكثر تعقيداً والذي يحتاج أكثر من غيره إلى إعادة نظر وإلى تقويم جديد حيث أن أطروحات جديدة ظهرت مؤخراً، متناقضة مع طرح (فلوتن) الذي يعتقد بتأثير الفكر اليهودي على نظرية "المهدي" الإسلامية، من خلال أسطورة عبد الله ابن سبأ المعروفة في المصادر العربية القديمة. والمؤلف لا ينفك عبر بحوثه الثلاثة، متقصياً العوامل التي أدت إلى سقوط الدولة الأموية، أو ما يسميه، البحث في جذور التشيع الخراساني لبيت النبي، ولا ينسى في هذا المجال أن يتعرض للطعن بالمصادر العربية، التي كانت برأيه تحجب الحقيقة أكثر من أن تكشفها، وذلك لتأثر المؤرخين بسياسة البلاط العباسي في بغداد، ولا يتردد هنا في طرح مجموعة من الأسئلة لا تخلو من الإثارة، تتصل بعلاقة شعب مغلوب يمثله الموالي، مع شعب غالب يمثله المعرب، وانعكاس هذه العلاقة على قاعدة الحزب الشيعي ومدى تمثيلها للأغلبية الفارسية، ومن ثم تبلور الفكر السياسي في مفاهيم هذا الحزب، كنتيجة للاضطهاد والملاحقة، فضلا عن التصفية، وذلك منذ سقوط الحسين في كربلاء، متجسداً فيه الرمز المأساوي لنضال الشيعة في العصر الأموي. وهذا ما يعبر عنه (فلوتن) بـ Les Croyance meaaianiques، لاعتقاده أن ثمة علاقة بين "المسيح" اليهودي وبين "المهدي" الشيعي، باعتبار أن فكرة "المخلص" أو "المنقذ" يهودية الأصل، حسب تفسيره التاريخي لها.