وصف الكتاب:
تبدو الأوبيك التي تستعد لاجتياز عتبة القرن الواحد والعشرين، مختلفة كثيراً عن تلك التي ولدت في الأزمة النفطية عام 1986 إلى أحداث تحول جذري في المنظمة التي لم تعد تزعم أنها تدعي أنها تريد فرض أسعارها على سوق النفط العالمية. لقد انخرطت الأوبيك في ظل السيطرة السعودية التامة في سوق النفط العالمية بدلاً من محاولة تنظيمها. جاءت آخر محاولات التمرد على سيطرة الرياض على الأوبيك من طرف العراق عندما اجتاح الكويت في شهر أغسطس-آب عام 1990، فأفرق بذلك الخليج والأوبيك في أزمة هي الأخطر في تاريخها، منذ تلك المحاولة لا ندري من سيتمكن من موازنة قوة السعودية في هذه المنظمة الدولية. منذ العام 1986 اكتفت الأوبيك بتحديد معدلات متتالية للإنتاج وبتقاسم حصص الإنتاج أو مستوياته وفي كل مرة كانت الأوبيك تأمل بالتزام الدول الأعضاء بالمعدلات المحددة. أما الأسعار فتحددها مبدئياً مقتضيات العرض والطلب في السوق والتقديرات المستقبلية التي يحددها لاعبو الأوبيك الرئيسيين وهم: الشركات التابعة للدول المستهلكة، ولكن في حقيقة الأمر تتحدد الأسعار في "البورصات" النفطية في لندن انترناشيونال بتروليوم) وفي نيويورك (نيمكس) أو سنغافورة (سيمكس). يتميز هذا الواقع بعدد من المفارقات من بينها 1-يبدو للوهلة الأولى أن الأسعار تحدد بحرية مطلقة في السوق. ولكن الواقع يكشف أن السعوديين يراقبون تطور الأسعار عن كثب ويحصرونها في مروحة معينة ولا يتورعون عن التدخل مباشرة أو من خلال الأوبيك عندما تهبط هذه الأسعار إلى مستوى متدن كثيراً. أي عندما يؤدي هذا التدني إلى تهديد مداخيلهم. ويتدخلون أيضاً عندما ترتفع الأسعار إلى درجة يمكن أن تهدد على المدى البعيد مستقبل النفط كمصدر رئيسي للطاقة في العالم (أي أن ارتفاع الأسعار يمكن أن يشجع محاولات البحث عن مصدر بديل للنفط الباهظ الكلفة). 2-تغيب الدول المنتجة والمصدرة للنفط عن الأسواق التي تتحدد فيها الأسعار في حين أنها معنية أكثر من أي طرف في العالم بالأسعار نفسها. 3-عندما رفضت الأوبيك عام 1985-1986 تبين ما كان يمكن أن يسمى بـ"السعر العالمي للنفط"، في هذا الوقت نشأت أسواق تحدد وللمرة الأولى في تاريخ النفط، سعراً عالمياً فعلياً للنفط في كل ثانية. إن هذا السيطرة المحكمة والشاملة على الأسعار لم تكن ممكنة إلا بفضل التقدم الهائل وخلال سنوات محدودة الذي تم تسجيله في تكنولوجيا المعلوماتية والاتصالات. لقد شعر الكاتب بضرورة تنبيه القارئ العربي لهذه التطورات من أجل مساعدته على معاينة، المسار الذي اجتازته هذه المنظمة المدهشة المسماة أوبيك.