وصف الكتاب:
خصص هذا الكتاب للقراءات في بلاد الشام في العصر الأموي، لكثرة القراء الشاميين، ووفرة ما أثر عنهم م ن قراءات، فمنهم قراء رويت عنهم قراءات شاذة أو مفردة، ومنهم عبد الله ابن عامر اليحصي الدمشقي، وهو أحد القراء السبعة المقدمين على سائر قراء المسلمين. ولم يقتصر الكتاب على تصوير نشاط أهل الشام في القراءات لعصر بني أمية، بل أحط بنشاطهم فيها لقرن ونصف قرن من الزمان، فقد وقف عند قرائهم وقراءاتهم في صدر الإسلام، وفي عصر بني أمية، وفي شطر من العصر العباسي الأول، إذ لا سبيل إلى إسقاط القراء من الصحابة الشاميين، لأنهم هم الذين علموا أهل الشام القرآن، وهم الذين تتلمذ عليهم قراء الطبقة الأولى من التابعين الشاميين، ولا سبيل إلى إخراج القراء الشاميين من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، لأن نشاطهم في إقراء القرآن، ورواية حروفه اتصل في الدولتين. وكذلك صنعوا في كل من زايل بلده، ونزل ببلد آخر، فقد نسبوه إلى البلدين. وينطبق ذلك على الصحابة الذين فتحوا بلاد الشام، واستوطنوها، وعلى الصحابة الذين انتقلوا إليها، واستقروا بها بعد الفتح، كما ينطبق على طائفة قليلة من التابعين قدموا إليها من الحجاز والعراق، وأقاموا بها. وقد تتبعت اهتمام الشام بالقراءات والحروف، واستقصى قراءهم. وأحصى قراءاتهم، وصنفها في أبواب، وسجل تحريجاتها وشروحها، وأثبت آراء العلماء فيها، ووصد أسبابها وحللتها. وفصل القول في ذلك مستعيناً بما وقعت عليه من روايات وأخبار، ومقتبساً كثيراً من النصوص، فهي التي تدل على جهد أهل الشام في القراءات والحروف، وهي التي تكشف عن عناية العلماء بقراءتهم وحروفهم، وتظهر مواقفهم منها وأحكامهم عليها.