وصف الكتاب:
يزداد شأن الحضارات في التاريخ كلما أوغلنا رجوعاً في الزمن لتصبح في بعض الأحيان، وفي بعض العصور القديمة خصوصاً، مصادر التاريخ الوحيدة. فالشعوب كلها، بدافع من العقائد الدفينة أو من رغبات الملوك أو من الحاجات الضرورية الأخرى، تركت آثارها على أرض التي عرفتها، وعلى هذه الآثار يبني المؤرخون معارفهم عن حضارات أمريكا قبل كولومبس، وحضارات الهند والصين والفراعنة والرومان والأتروسكيين وشعوب إفريقية السوداء. إنّ معظم الحضارات البائدة سجلت على آثارها ما تريد البوح به بكتابات شتى، وحين حلّ "شمبوليون" رموز الهيروعليفية أضاف إلى التاريخ ثلاثة آلاف سنة. والكتابات التي استعصت على الحل لا تزال تحتفظ بأسرار التاريخ، وقبل حلّ رموز الكتابات القديمة كان الناس يخترعون التاريخ اختراعاً بالأساطير والخيال حول الآثار. وإن تاريخ الحضارات التي بادرت والعادات التي سادت يحاك حول نواةٍ من الواقع، والتخيلات فيها إنما تبني من معطيات أولية مأخوذة من عصورها.