وصف الكتاب:
أصبح الإنترنت عالماً لا مجال للالتفات عنه أو عدم الاهتمام به أو تجاهله وإلا تجاوزنا الواقع كمهنة ونقابة، وأصبحنا أمام واقع يفرض نفسه على الجميع. صحيح أننا مطالبون في ظل هذا الواقع بألا نذوب فيه، ولكن ليس أمامنا بديل عن التعامل معه والاجتهاد في تطويعه وعلينا أن نعترف أن هناك واقعاً إعلامياً جديداً فرض نفسه على الساحة الإعلامية منذ تسعينيات القرن الماضي وهو بروز ظاهرة الإنترنت وطغيان الصحف الإلكترونية عليها الأمر الذي أدى إلى سيادة حقبة اتصالية جديدة غيرت كثيراً من المفاهيم الإعلامية التي استقرت على مدار سنوات عديدة كالعلاقة بين أطراف العملية الاتصالية وظهرت أدوار جديدة للقائم بالاتصال والمتلقي، وصار بإمكان قارئ الصحف الإلكترونية المشاركة الفعالة في العديد من الممارسات الصحفية بلا حدود أو محددات. إن الاهتمام بالإنترنت بشكل عام وبالإعلام الإلكتروني بشكل خاص قد أخذ بالتنامي حيث شهدت السنوات العشر الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في أهمية الإنترنت للصحافة، حيث تأسس نوع جديد من الصحافة الإلكترونية. هذا الأمر انعكس إيجاباً على حرية التعبير والرأي والعمل الصحفي، لكن في نفس الوقت زادت التحديات التي تواجه الصحفيين من قبل الرقابة الحكومية. لقد خلقت الصحافة الإلكترونية فضاءات جديدة أما الأشخاص العاديون والصحفيون والناشطون السياسيون، حيث أتاح الإنترنت لهم مجالاً للتعبير عن آرائهم لم يكن متاحاً لهم من قبل. فقد خفض الإنترنت من العوائق التي كانت تحول بين المرء والنشر الإعلامي. ويستطيع المرء اليوم بوسائل بسيطة أن يبدأ بالتدوين في الإنترنت وأن يرسل المعلومات التي يريدها وكذلك أن يستقبل كمّاً كبيراً منها بالنسبة للبعض فإن الصحافة الإلكترونية خلقت فرصاً لنشر الأفكار، ولكن الوصول إلى الجمهور العريض وتجاوز الرقابة لا يحدث إلا في حالات قليلة. فالإنترنت تقدم لنا كنوزاً من المعلومات تفيدنا في العمل، خصوصاً إذا ما تعامل المرء مع هذه المعلومات بشكل نقدي مثلما هو الأمر في التعامل مع مصادر المعلومات الأخرى. إن الملفت للنظر هو اتجاه بعض الصحف الإخبارية الجادة في الإنترنت إلى اجتذاب مستخدمي الإنترنت بوسائل سطحية مثل استخدام الصور وغيرها. والشيء المهم هنا إدراك حقيقة أن الأمور في الإنترنت تتغير باستمرار، فكلما زادت سرعة نشر المعلومات في الإنترنت كلما زاد لدى مستخدمي الإنترنت الطلب على مادة إعلامية ذات مدة صلاحية أطول، وكلما زاد أيضاً عدد الأشخاص الذين يبحثون عن مؤسسة إعلامية تغربل لهم الغث من السمين المتناثر في عالم الإنترنت. ومن المحتمل أن الصحيفة المطبوعة هي التي سيكون لها هذا الدور، لأنها ليست واقعة تحت ضغط الإسراع في نشر الأخبار كل عشر دقائق، مثلما هو الحال في الصحافة الإلكترونية. ولكن على الصحف أن تغير نفسها، فهي لم تعد المصدر الأول للمعلومات كما كان الأمر سابقاً، وفي الواقع فإن عملية تأقلم الصحف مع الوضع الجديد جارية.