وصف الكتاب:
الحمد لله رب العالمين، الذي علم بالقلم، والصلاة والسلام على نبيه المصطفى كاشف الظلم صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه الخيرة المنتخبين أولي الهمم. وبعد، فأهمية الحضانة تقوم على أساس أن محورها الطفل الذي يمثل الأهمية الكبرى في تقرير سلامة المجتمع أو مرضه، وأن السلوك الفاضل أو الفاسد إنما يبنى على أساس الخلفيات الناشئة في أدوار الطفولة، وعلى شاكلة الإنسان وتوجهاته التي يعمل بموجبها في الحياة وكون الطفل يصنع في سنواته الأولى، بل من الرضاع ركائز مشاعره وأحاسيسه، وتتطور هذه المشاعر والأحاسيس حينما يترك المهد، يتناول الأرض بخطاه البطيئة فيكون هذا العالم إما باعثاً له على الأمل أو يجره إلى اليأس. هذه الحقائق وحقائق أخرى تترك أثراً كبيراً على تفكير الطفل الرضيع فهي تلازم شخصيته طيلة أيام الطفولة والمراهقة والشيخوخة. وهنا يأتي دور الآباء والأمهات، كل حسب ما وظف له، ويبقى بيت الأسرة القائم على الحب والتفاهم والوئام، المكان الطبيعي الأصلح لتحمل المسؤولية الكبرى تجاه الأولاد، ومهما بذلت الجهود فلن تعوض مطلقاً عن ساعة يعيشها الطفل بين أبوين متحابين متفاهمين، ويكفي الأبوان إثماً أن يتسببا في دمار وضياع أولادهما بهدم الأسرة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول)). على أن الأحاديث النبوية في مجال التنبيه على الاهتمام بالأولاد وحُسْن تربيتهم كثيرة حتى أنها بلغت معنى الإلزام.. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ((من كان عنده صبي فلينصب له))، وقال: ((رحم الله عبداً أعان ولده عل بره، بالإحسان إليه، والتآلف له، وتعليمه وتأديبه)) وقال للأقرع بن حاجن حين قال له لي عشرة من الولد ما قبّلت واحداً منهم.. ((ما علي إن ننع الله الرحمة منك)). وقد جاء في رسالة الحقوق ((وأما حق ولدك، فإن تعلم من، ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وإنك مسؤول عما وليته من حُسْن الأدب والدلالة على ربه، والمعونة له على طاعته فيك وفي نفسه، فمثاب على ذلك ومعاقب فاعمل في أمره عمل المتزين بحُسْن أثره عليه في عاجل الدنيا، المعذر إلى ربه فيما بينك وبينه بحُسْن القيام عليه، والأخذ له منه)).