وصف الكتاب:
الحمد لله الذي شرع العدل فسمّى به نفسه وأمرنا بتحقيقه، وجعل عاقبةَ الظلم وخيمةً في الدنيا والآخرة. والصلاة والسلام على رسول الله القدوة العظمى للعدل بين الناس، أمره الله بالعدل فقام به خير قيام، فحكم بين المسلمين فعدل؛ امتثالا لأمر الله ولقد بين الله أن العدل مطلوب منا مع من نحب ونكره وحقّق الحكم بالعدل مطلقاً، حتى مع غير المسلمين؛ فحينما استَودع رجلٌ من الأنصار طعمةَ بنَ أبيرق مشربةً له فيها دِرع، وخرج فغاب فلما قدم الأنصاري فتح مشربته فلم يجد الدرع فسأل عنها طعمة بن أبيرق فرمى بها رجلا من اليهود يقال له زيد بن السمين، فتعلق صاحب الدرع بطعمة في درعه، فلما رأى قومُه ذلك أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فكلموه ليدرأ عنه، فهمَّ بذلك. فبعد أن همَّ رسول الله أن يعاقب اليهودي برّأه. ورفض رسول الله شفاعةَ أسامة بن زيد في عدم إقامة حدّ السرقة على المخزومية عندما سرقت، وأعلن تحقيق العدل حتى مع أقرب الناس وأحبّهم إليه، فالعدل مطلب شرعي شهد له ربّ العالمين، وطبّقه سيد المرسلين، وأمرنا به نحن معاشر المسلمين. والقاضي مأمور بتحقيق العدل بين الخصمين، وأن يثبت الحكم بوسيلة معتبرة شرعا. ومن وسائل تحقيق العدل أن يتحقق القاضي من حجج الخصمين، ولا يثبت الحكم إلا بوسيلة معتبرة. وهناك وسائلُ اتفق العلماء في إثبات الأحكام القضائية بها؛ كالشهادة والإقرار واليمين. وهناك وسائلُ اختلف العلماء في إثبات الأحكام القضائية بها؛ كعلم القاضي، والكتابة، والشاهد واليمين، والقرائن. وقد رأيت أن يكون (الإثبات بالقرائن في الفقه الإسلامي) موضوعَ رسالتي التي أتقدم بها لاستكمال درجة الماجستير في القضاء الشرعي.