وصف الكتاب:
وضع هذا الكتاب عن أبي الطيب المتنبي لديوانه، وكان هذا لشرح الجاري على قصائده، بيتاً إثر بيت، ذا جدوى كبرة في فهم خصائص هذا الشعر وما طبع عليه صاحبه وما صدر عنه وما تروى منه في جماليته وثقافته وتجربته. ولقد استعان الشارح بالكتب القديمة التي ألمت بالمتنبي أو خصصت له دون سواه على الموازنات والسرقات وما إليها، ورأى أن النقد الجاري فيها، لم يكن وافياً لأنه كان يوازن بيتاً ببيت وموضوعاً حزئياً بموضوع جزئي، وكلمة بكلمة، وهم يتعقبون الشاعر على الهفوات والسقطات العروضية واللغوية ويتماحكون عليها أزماناً طويلة ولا ينهون منها إلى غاية أو مأرب. ولقد تعسف كثير من القدماء بهذا الشاعر وتعصب له كثيرون آخرون، ولا يوجد دراسة وافية للنص الشعري عند الشعر، لكي تكون الأحكام والاستنتاجات مستمدة منه ومرتفعة صعداً من واقع الشعر، وليس مما ذكر وقيل وما رآه هذا وذام وذلك من الدارسين والنقاد. إن أمر المتنبي عشير، في امر واحد وحسب، من دون سواه، وهو أمر تقويم شعره وعلى أي غرار وأي مستوى. ذاك أن للنقد معايير وموازين كثيرة، ومنها ما يحلق الأذى بالشعر والشعر، إذا كان مستمداً، وحسب، من الأصول النقدية والجمالية المعاصرة ومن الإغراق في الإطار الجمالي المحض وتقويمه بالصورة والفكرة أو تقويمه من الناحية الإنسانية على الفضائل والرذائل، وأن تعجب بمدحه لسيف الدولة وأن تخزى الشاعر بمدحه لكافور وآخرين ممن يكون مجرد التلفت إليهم عاهة من عاهات الشعر والنذالة الإنسانيين. ومهما يكون فإن الناقد يبدو متحيراً، أبداً، في دراسة هذا الشعر، وقد تدر له أحكام يوقن بها ثم إنه يترجح عليها. ولعل النقد، أن يكون، أبداً، على هذا الغرار، إذا أراد أن يكون موضوعياً وصادقأًن وكل دراسة تقوم على الاحتمال. والقارئ يتجول في قلبها مع كاتب وكاتب آخر، فيكون واعياً للقضايا ومجالاتها واحتمالاتها، ولعله أن يبقى كذلك، إذ قلما يصمد اليقين النقدي نهائياً. هذا متاب، ككل الكتب الصادرة يعتمد النص الشعري أساساً للدراسة التي يقوم بها الكاتب والقارئ معاً، وقد يتلقيان ويفترقان، وفقما هي سنة الحياة والأشياء.