وصف الكتاب:
حين بدأت بكتابة هذه المحطات في عام 2002، كنت أحلم بأن أعود إلى العراق فأجده بلا صدام ولا أولاده ولا باقي الشلة الفاسدة. كنت أكتب وأنا مملوء بأمل طاغ ويقين كبير بأن التغيير القادم في العراق، إذا ما حدث سيحمل لي ولكل العراقيين وطناً طيباً عاقلاً عادلاً يحكمه واحد ليس من أسوأ أبنائه، بل من أفضلهم نقاء وعدلاً ونزاهة، يمنعه منبته الطيب ووطنيته العالية من تسليم الوطن لزمر الانتهازيين والملفقين والمزورين، القدامى والجدد، ممن تمرسوا في الالتفاف حول الحاكم واصطياد نقاط ضعفه الخلقية والنفسية لكي ينفذوا منها إلى السطوة عليه، وجعل مطامحهم وأغراضهم الأنانية الفاسدة قواعد حكمه وأساس سلطانه، ثم ليصيروا له، بعد ذلك، بصره وسمعه ولسانه ويديه، ويقيموا جدراناً مانعة بينه وبين كل شريف وعفيف ونزيه وعادل وحكيم، فتنقلب الموازيين وتزدهر الرشوة بجميع أنواعها والظلم بكل درجاته، وتزدهر الطائفية وتنتعش العنصرية، ويصبح السطو على أموال الدولة شطارة، والقتل بطولة، والكذب فضيلة. عدت إلى العراق في أوائل أيار/مايو 2003، وأقمت فيه ستة عشر شهراً، عملت خلالها عضواً في اللجنة الإعلامية في مجلس إعادة الإعمار والتطوير العراقي، ثم سكرتيرا للجنة التنفيذية للإعلام في مجلس الحكم، وعضواً في الهيئة العليا للإعلام التي شكلها رئيس الوزراء المؤقت أياد علاوي، فتأكدت من أن في السلطة الجديدة حكاماً لا ينوون إقامة الدولة العادلة التي توزع الحقوق بالقسطاط على جميع العراقيين دون غش أو محازبة أو طائفية أو عنصرية، ولا يريدون تعويضنا عما لقيناه من بؤس في الداخل، ومرارة في الخارج. وحين أكملت كتابة هذه المحطات، في تشرين الثاني/نوفمبر 2004، كنت قد اتخذت قرار الرحيل عن الوطن، وتسللت إلى المطار، ومنه إلى المنفى من جديد".