وصف الكتاب:
تدرس المؤلفة "فتيحة فاطمي" في هذا الكتاب مفهوم التأويل في الفكر الإسلامي كأحد أعصى المفاهيم في علمي الكلام والفلسفة في الحقبة الإسلامية الوسيطة، كما هو في الفكر الغربي المعاصر، الذي أثّرت أدواته على جلّ القراءات العربية الحديثة للتراث الإسلامي، ولربما جاز القول إنّ المعركة الآن هي معركة "تأويل" بالمقام الأول. واختارت المؤلفة "ابن رشد" نموذجاً وإن لم تقتصر عليه، فالكتاب يكاد يكون موسوعة شاملة بقضايا التأويل من أرسطو إلى ريكور وغادامير، ومن الغزالي إلى طه عبد الرحمن، لكن إختيار المؤلفة لــ"ابن رشد" جاء كونه ملتقى الطرق بين ثلاث إشكاليات محورية هي بؤرة إهتمام الثقافة الحالية. تتعلق أولى الإشكاليات بموضوع العقلانية وعلاقتها بالنص، فكتابات "ابن رشد" وظّفت أحياناً في سياقات عدة، وجد فيه البعض الدليل اليقيني على إمكانية قراءة النّص الديني بمقاييس العقل البرهاني في مقابل المقاربات الرافضة للنظر العقلي الحرّ في الوحي المنزَّل، في حين رأى البعض الآخر في منهجه العقلاني تكريساً لسلطة الميتافيزيقا اليونانية التي سعى مفكرو الإسلام في العصر الوسيط للقطيعة معها. وتتعلق الإشكالية الثانية بمنزلة "ابن رشد" في مسار النهضة والتنوير، بالنظر إليه كقنطرة تواصل بين السياقين اليوناني القديم والغرب الحديث، وكمحطة تمهيدية للعصور الحديثة بنزعته "الأكسيومية" المميزة إجرائياً بين العلم والدين، وبأفقه التأويلي المنفتح وإستيعابه الإيجابي للتراث الفلسفي. وتتعلق الإشكالية الثالثة بالمسألة التأويلية التي هي محور مشروع "ابن رشد" في المباحث الفلسفية والشرعية، ولقد اعتنت المؤلفة بهذا الجانب الأساسي من فكر "ابن رشد"، دون إهمال الجانبين الآخرين اللذين تناولتهما من زاوية المنظور التأويلي. وعلى كثرة الأعمال التي تناولت "ابن رشد"، تحتاج الساحة الفكرية لمثل هذا التناول المتميز لمفهوم إشكالي وعصى "التأويل" من خلال علم كــ"ابن رشد" كانت فلسفته ثم سياقه التاريخي لا يقلّ إشكالية عن المفهوم.