وصف الكتاب:
تعكس رواية «أبناء الأدهم» في سردها حضوراً وجدانياً من خلال المكان، وعبر الإنسان من خلال البعد النفسي، إذ يتخذ البوح أشكالا مختلفة في ثنايا سرد الرواية، إذ تتحرك الوجدانيات التي حفلت بها الرواية من خلال البطلة «سلمى» في إشارة من الكاتب إلى أجا وسلمى في رمزية منه إلى الجبلين المعرفين بمنطقة حائل، إذ اتخذ المليحان في روايته من اللغة جسرا وجدانيا لتكثيف الحضور الوجداني في الرواية، التي جاءت الأحداث وتصاعد العشق فيها، إلى جانب الاشتغال على الصورة والمفردة العاشقة روافد مدت الأحداث بالكثير من الانفعالات الوجدانية، التي تتجاوز حضور العاشقين إلى ما يمكن وصفه بحس الطبيعة من خلال حالة من الانسجام العاطفي بين مشاعر العشق، والطبيعة العاشقة إنسانا ومكانا، ما يضفي على الصورة عند المليحان في «أبناء الأدهم» لوحة تشكيلية حكائية تنساب فيها العاطفة عبر اللغة انسيابا سرديا اتخذ من بناء الصورة أول أدواته. - محمد المرزوقي - الجزيرة من أجواء الرواية نقرأ: "ضمّ سلمى، ضمّها بكل جوارحه. ضمّها بحرية، شمّ رائحتها، شمّت رائحته، وهي ترتعش على صدره. شبّ النار، نظر في عينيها، مشى نحوها، ومسح بيده الدمعتين النازلتين كنقطتي ماءٍ صافٍ، قَبَّلَ عينيها، ضمّته، قبّل ثغرها، وشرب من الرحيق، تأوهت. احتضنا... ومع أن النّخَيْلَاتِ ذات العسب المتدلية، والصخور المبعثرة في أماكنها منذ الأزل، والجبال العالية التي كانت تتطلع إلى الغيوم والسماء، والقمر المكتمل الصاعد بهدوء وسعادة، والغيمة التي تلاعب الريح، والهواء العذب، الذي بدا رقيقًا، هينًا، وهو يمر برفق على خديهما، أو الماء الضاحك سابحًا في حضن العين، أو حتى العشب المكتظ بالروائح والعطر، أو الطيور التي سمعا رفرفة أجنحتها، دون أن يرياها، والتي، ربما أفاقت فرحة بهذا العرس، أو ربما تصفق في كف صخرة، أو في حضن شجرة، أو تخرج رأسها من عش، كلها؛ كانت تبارك ما يجري بين حبيبين، إلا أن القلبين، هما، والنَّفَسَيْنِ، هما، والشفتين، هما، والأصابع، والجسدين،... من يعرف كل ذاك الفرح الذي أعشب الآن، مطلاً برؤوسه بحريّة، متراقصًا في القلبين الحبيبين، ويعرف همس لغتهما الفريدة. جلسا، وأوقد النار ...."