وصف الكتاب:
تدور أحداث هذه الرواية في يوم واحد، يوم بلوغ بطلها الستين من عمره. وبطلها يونس أو ‘يتيم الدهر’، وهو الاسم الأدبي الذي اختاره لنفسه حين شَرَعَ في الكتابة في سنوات الشباب، أستاذ في اللغة الفرنسية، متخصِّص في فلوبير ‘معلِّمه’ في الكتابة كما يصفُه. على عتبة التقاعد ينفصل يونس عن زوجته، ويترك العاصمة ليستقرَّ في ‘نيابوليس’ على شاطئ البحر راغباً في الوحدة، وإمضاء ما تبقَّى من حياته بين الكتب التي يحب. في يوم عيد ميلاده الستّين، يقوم يونس برحلة طويلة في الماضي مستعيداً المحطّات الأساسية في حياته: طفولته التي فُتِنَ فيها بالمتصوِّفة والزُّهاد الذين يعيشون في الجبال والأحراش وليس على أجسادهم غير الصوف الخشن، وسنوات الشباب التي شرَعَ فيها في كتابة قصصٍ وحكايات تحت تأثير كُتَّابه المفضّلين خصوصاً فلوبير،غير أنّه يُقرِّر عدم نشر ما يكتب لأنَّ الكتابة في بلاده ‘عملٌ عقيم’ بحسب رأيه. كما يستعرض يونس قصَّة الحب العاصفة التي عاشها مع الفتاة التي تُصبح زوجته في ما بعد، وعشقه الجنوني وهو في منتصف العمر لطالبة جميلة مغرمة بمحاضراته عن فلوبير. وفي رحلته الطويلة في الزمن، لا يهتمّ يونس بفصول حياته فقط، بل بحياة آخرين أيضاً مثل المعتمد بن عبّاد، الأمير والشاعر الأندلسي الذي نفاه المرابطون المتزمِّتون إلى جنوب المغرب بصُحبة زوجته وبناته ليموت في أغلال أسره كَمَداً وقهراً. وهناك أيضاً هشام وبشير اللذان يعودان إلى الوطن بعد غياب طويل ليموتا بالذَّبحة الصدرية جرّاء الصَّدمة العنيفة التي أصيبا بها أمام التحوُّلات التي طرأت على المجتمع وعلى الناس. ومن خلال يونس وهشام وبشير وشخصيّات أخرى في الرواية، نتعرَّف على أحوال بعض البلدان العربية مثل الجزائر بعد الاستقلال، وليبيا في ظلِّ نظام القذافي، ولبنان في الحرب الأهلية. وتعكِس العديد من أحداث الرواية أوضاع تونس في سنوات حكم بن علي والتي أدَّت الى زلزال 14 كانون الثاني/ يناير 2011. وفي الرواية تأمُّلات في الحياة والموت والحبّ والكتابة وأيضاً عن المثقَّف والسلطة والتزمُّت والتطرُّف في العالم العربي راهناً.