وصف الكتاب:
في كتاب (القَبَليَّة –عجز الأكاديمي ومراوغة المثقف ) يدخل الدكتور نعيمان عثمان إلى موضوع القبلية بمقدمة مسهبة دقيقة تتكئ على قراءات لأبحاث ومؤلفات عديدة إضافة إلى الدخول في مواقع ومدونات تهتم بتدوين بعض الخصائص والصفات التي تندرج في مفهوم القبيلة/القبلية , والأنساب حيث تتداخل بعضها ببعض , فيذكر عددا من أسماء الباحثين الذين تطرقوا إلى هذا الموضوع حسب طرق تناولاتهم مع /ضد مثل صادق جلال العظم , والطيب تيزيني ,وهشام شرابي , جورج طرابيشي وعزيز العظمة من حيث تناولهم القبلية والعشائرية من منظور ايديولوجي حسب توجهاتهم الشخصية , فكانت تومئ إلى ما يشبه المناورة في الإدانة أو المواءمة بدوران حول المصطلحات والمقاربة والمباعدة في عملية مراوغة بين ال(مع/ضد) في الرصد لتعريفات تأتت من أبحاث لمستشرقين من الرحالة وما في هذه الدائرة من كتابات إما وصفية أو أنثروبولوجية لامست مكونات القبيلة كإطار يتسع باتساع الكد في البحث عن إضافات يتوجبها الموقف . كتب الأنساب تحظى برواج كبير في دول الخليج والأردن فهو يذهب إلى إطلاق إشارة البدء بثلاثة أقوال لبعض الباحثين منها قول بول رابينو (( ما لا يمكن نقاشه علنا لا يمكن تحليله أو دحضه. لا يمكن اعتبار القضايا المركزية التي تطرح للتحليل أو للدحض تافهة أو غير ملائمة. ندرك أن التكتيك الأكثر ذيوعا للنخبة .. هو رفض الدخول في نقاش. تصنف القضايا التي تسبب الإزعاج بالابتذال والبذاءة )) ويشير في التقديم بالكلمة الأولى التي هي مدخل بأن الأقوال التي ساندت التوجه الى كتابة البحث بأنها لاتشي بأدنى حد من التحليل الذاتي أو الاستفادة من العلوم الحديثة بل تدل على تشبث ونمذجة الثقافة المحلية السائدة , ويضيف بأنه في هذا الكتاب حاول أن يتقصى حالة القصور الشنيع في العلوم الاجتماعية والانكفاء على الذات. في مقابل هذا القصور نجد السطوة الفكرية والعلمية التي تمثلها إلى حد ما (مجلة العلوم الاجتماعية) . وسعى لإظهار مواطن العجز حتى لدى النخبة من المؤلفين العرب، وتتبع مزاعم كتاب غربيين يريدون عن طريق بحوثهم إجراء عمليات تنميط وتصنيف ووصم ينال كل جوانب الحياة والفكر والسلوك عند العرب والمسلمين ؛ حيث يجاريهم في هذا المسار بعض الكتاب العرب لأسباب متفاوتة بين حماس لجماعة أو بلد أو ثقافة , لكن هذا لا يضيف إلا المزيد من الانصياع والانعزال. الغذامي والصويان والتركي واليماني وابن صنيتان والجريسي وقبلهم الجاسر محليا/إقليميا يذهب الباحث إلى أن هناك تردياً مجمعاً عليه في مستوى بحوث العلوم الاجتماعية في العالم العربي، ولكنها لا تواجه بالنقد والنقاش حيث تمر ويشتهر بعضها بالرغم من مستوياتها الضعيفة ومغالطاتها، ولجوئها إلى الذاتية المغرقة، ما يجعلها راسبة في القوقعة، غير مؤثرة في مسائل الإنارة المعرفية في الوقت الراهن , ويري ما يؤيده في مثل قول إدوارد سعيد ((لاشيء ينافس في تفاهة الدراسة الذاتية النرجسية التي تعد الآن في أماكن كثيرة سياسية الهوى أو دراسات إثنية أو ترسيخ الجذور والمباهاة الثقافية وضرب طبول القومية )) ويمر بشرائح من الآراء التي تضمنتها كتب بعض الباحثين حول الموضوع مثل كتاب البدو والبداوة ,مفاهيم ومناهج لمحي الدين صابر ولويس مليكة , كتاب المجتمع العربي المعاصر: بحث في تغير الأحوال والعلاقات لحليم بركات، حيث يذهب (=بركات)إلى أن في الجزيرة العربية والبادية السورية ثلاثة أقسام من القبائل دون تعمق في دراسة ونقاش بتعمق في علم الاجتماع , ومن ثم في وقفات مطولة مع أبحاث وكتب ومدونات للدكتور سعد الصويان حول المورث والبداوة والنسب والقبيلة ومدى توجهه كمتخصص في هذا المجال , كما تناول بعض أبحاث حمد الجاسر في المجال المندرج في السياقات المتماشية مع التأصيل والتنسيب , ومع غيرهم من الكتاب الذين كتبوا عن القبيلة والقبلية , ليصل إلى أن للكتاب والمثقفين دوراً هاما ركيزته أحيانا الوهم والإيهام , في رسم تصورات معينة عن المجتمع بعضها قد يكون ضروريا لخلق نوع من التجانس والهوية, "لكن المعضلة تكمن في تحول ادعاء الخصوصية إلى تحيزات فجة ضد الخارج والجوانب الأضعف في الداخل وفق التصور الحالي المبني على قراءة انتقائية ومتعسفة للماضي". إن دورهم معقد في صنع الثقافة وفي صياغة الماضي والحاضر , وقد يتضخم هذا الدور لدرجة تنفصم فيها صلتهم بالمجتمع , فرغم أنهم يزعمون الموضوعية والنزاهة فإنه ليس واضحا تماما باسم من يتحدثون ومصالح من يمثلون، يميز جورج بوند وأنجلا غليام بين المثقفين التقليديين الذين يمثلون مصالح عهد سابق، والمثقفين العصريين الذين يسعون إلى صياغة المجتمع بطريقة ملائمة لمصالح المجموعة التي هي في طور السيطرة .