وصف الكتاب:
كان ما يزال القرن الأول الهجري محط أنظار الدارسين الذين وجدوا في مسار متغيراته، ليس الحافز إلى الكتابة بتأثير من توافر المادة في مصادر المرحلة، و إنما إلى التجديد في سبلها وأغراضها، في ضوء ما تطور إليه منهج البحث التاريخي عبر العهود القديمة والمتأخرة. وإذا كان ثمة الكثير من المحاولات الجادة التي تناولت قضايا تلك المرحلة بشكل أو بآخر، ما يستحق الاهتمام والتنويه، فإن محاولة المستشرق الألماني يوليوس ولهوزن، المندرجة في كتابة "الدولة العربية"، يبقى لها مكانها المرموق بين مجمل الدراسات في تاريخ القرن الأول. لقد تناول هذا المؤرخ، الأحداث البارزة في العهدين الراشدي والأموي، بدءاً من "السقيفة" وانتهاءً بسقوط الدولة الأموية، إذ أن علاقة وثيقة وإن لم يرصدها ولهوزن بصورة مباشرة-بين المسألتين، وعلى نحو كانت الثانية، كما غيرها من المسائل التاريخية، خاضعة لتراكمات الأولى ومؤثراتها في الاتجاهات السياسية وحركات المعارضة والحروب الداخلية، وصولاً إلى انفجار الوضع في الولايات في مطالع القرن الثاني الهجري، إلى آخر هذا التراكم الذي كان محوره الصراع على السلطة. وقد نجح-خلافاً لمعظم المستشرقين-في استيعاب المسائل الشائكة التي تضمنها كتابه، مضفياً عليها من وعيه ومن حسه التاريخيين ما أكسبها تلك الموضوعية والرصانة.