وصف الكتاب:
توصف الكتابات التاريخية الحديثة والمعاصرة المنشورة باللغة العربية والمتعلقة بتاريخ أفريقيا السوداء وأعني بها المنطقة التي تقع في وسط القارة وجنوبها بالنادرة، ذلك أن اهتمام معظم المؤرخين العرب انصب على تاريخ مصر والسودان وشمال القارة. فجاء إنتاجهم غزيراً ودقيقاً حول هذه المنطقة، في حين كانت ندرة الكتابات حول وسط القارة وجنوبها تلقي ستاراً من الضباب جعل من دارسي تاريخ هذه المنطقة يعانون الكثير للوصول إلى شيء من المعرفة عنها. لذلك كان هذا الكتاب محاولة لإلقاء بعض الضوء على هذه المنطقة التي تشبعت بأحداث لم يخل الاستعمار من دور مهم في اختلاقها. سواء من عمليات استعمارية مباشرة بدأت في القرن السادس عشر وصولاً إلى الاستعمار المقنع الذي ما زالت بسببه تعاني القارة الإفريقية الكثير من عدم قدرتها على استغلال مواردها بالطريقة الفضلى. وقد تعرضت فصول هذا الكتاب إلى دور الدول الاستعمارية وشركاتها التجارية، وجحافل بعثات التبشير التي غزتها باسم الدين خافية وراءها رغبتها باستثمار الخيرات الاقتصادية للقارة. عرض الفصل الأول لعملية الاغتصاب الأوروبي للقارة بدأ من حركة الكشف وعلاقة الأوروبيين بالقارة وصولاً إلى عملية الاستعمار وخصائصه ونصيب كل دولة استعمارية أوروبية في عملية تقسيم القارة ثم انتقل للكلام عن أساليب المستعمرين ودورهم في سلب الاقتصاد. وتكلم الفصل الثاني عن تطور الاستعمار في شرق ووسط القارة وبالتالي قسم هذا الفصل إلى قسمين بحث القسم الأول التطورات الاستعمارية في شرق أفريقيا بمراحله الثلاث التي تنقلت بين الاستغلال الاقتصادي والوصاية وصولاً إلى مرحلة الحرية والاستقلال. أما القسم الثاني فبحث في التطورات الاستعمارية في وسط أفريقيا وتعرض لخالات التمرد في المستعمرات وكفاح الأفارقة والمشاكل التي واجهت القارة بعد الاستقلال. وعرض الفصل الثالث للتطورات الاستعمارية في بعض دول وسط وجنوب أفريقيا مبيناً دور الرحالة والجمعيات والشركات الاستعمارية ودور مؤتمر برلين في تقسيم القارة بين الدول الاستعمارية كما تعرض لدراسة وضع إنجلترا في جنوب أفريقيا ووسطها. وجاء الفصل الرابع بعنوان سياسة بريطانيا وفرنسا في شرق أفريقيا حيث قسم الفصل إلى قسمين القسم الأول يتعلق بالسياسة البريطانية في شرق أفريقيا وخاصة في كينيا وأوغندا وزنجبار في حين تكلم القسم الثاني في السياسة الفرنسية في شرق أفريقيا وخاصة في مدغشقر وجزر القمر والصومال الفرنسي. أما الفصل الخامس فقد بحث في تاريخ أفريقيا في القرن العشرين وخاصة خلال الحرب العالمية الأولى والفترة التي تقع بين الحربين والعالميتين وصولاً إلى انتقال القارة بعد نهاية الحرب العالمية إلى مرحلة الاستقلال. وأفرد الفصل السادس للكلام عن ليبيريا وأثيوبيا خلال الفترة من عام 1880 حتى عام 1936. أما الفصل السابع فقد جاء الكلام عن كيفية قيام منظمة الوحدة الإفريقية وطريق تحقيقها من خلال المؤتمرات الممهدة لقيامها، والعقبات التي اعترضتها، كما عرض أيضاً لبعض مشكلات أفريقيا المعاصرة سواء في الكونغو أو في سيراليون وأثيوبيا وارتيريا. تلك عي حالة القارة السوداء التي تملك من الإمكانيات الغنية ما قد يجعلها من دول عالم الشمال ولكن وضعها جنوبي البحر المتوسط جعلها مصدراً مهماً للخامات التي تصدر إلى دول الشمال وسوقاً جيدة لمنتوجاته. والتساؤل يبقى هل تستطيع هذه القارة أن تزيل أثار الاستعمار وتسير في ركب العالم المتحضر، أن تبقى جامدة تتخبط في نزاعاتها المحلية متردية في عالم الفقر والجهل، وهو ما لا ينتظره الكثير من الأفارقة الذين يرغبون بالانتقال بالقارة إلى المستوى اللائق بها.