وصف الكتاب:
يضم هذا الكتاب ست دراسات في تاريخ العرب الحديث، تنوعت موضوعاً وزماناً ومكاناً. ولكنها مع ذلك ينتظمها أطار واحد هو إطار التاريخ العربي الحديث منذ بدايته على عهد الفتوح العثمانية حتى الوقت الحاضر. فإذا كان الفصل الأول: وهو الشرق العربي، وعلاقته بأوروبا يبدأ منذ الصراع العربي-البرتغالي د في المغرب العربي وفي البحار الشرقية في النصف الثاني من القرن الخامس عشر، وما صحب ذلك الصراع من دخول البلاد العربية- في الشرق والغرب- في حوزه الأتراك العثمانيين، فإن الفصل الأخير من هذا الكتاب وهو الفصل الخاص بالمعالم الرئيسية في تاريخ القضية الفلسطينية يتتبع تاريخ هذه القضية-وهي قضية العرب الكبرى-حتى اليوم. وبين هذا وذاك، بين بداية التاريخ العربي الحديث، في أوائل القرن السادس عشر وامتداده على مدى القرون الأربعة الأخيرة حتى اليوم. تتناول فصول الكتاب دراسات منوعة من تاريخ العرب الحديث في المشرق وفي المغرب. أما في المشرق فقد بدأ الكتاب بدراسة عامة لعلاقات بلاد الشرق العربي بأوروبا فيما بين القرنين السادس عشر وأواخر الثامن عشر، من ناحية العلاقات التجارية والسياسية والثقافية. وقد اختير هذا العصر لأنه يصور الحقبة التي طبعها الحكم العثماني للولايات العربية بطابع خاص، وميزها بسمات خاصة، وقامها سطحية الحكم والإبقاء على المؤسسات والمقومات المحلية، وتحديد مجرى العلاقات الخارجية لهذه الولايات في اتجاه خاص، لا يقوم على العزلة الكاملة، ولا على الانفتاح التام، ولكنه حريص على أن تسير هذه العلاقات في نطاق محدود، لا يتيح إلا القليل من التأثيرات والاتصالات المتبادلة. ولعل الدراسة الخاصة بنهضة مصر في القرن التاسع عشر، وهي الدراسة التي تضمنها الفصل الرابع من هذا الكتاب، تصور خروج إحدى الولايات العربية-وهي مصر-من نطاق هذه العلاقات المحدودة إلى نطاق أرحب وأوسع وأشد تعقيداً وأضخم تأثيراً، وهو نطاق الاتصال بالغرب الأوروبي في التجارة والسياسة والثقافة وغير ذلك من أسباب الحياة. مع بيان الآثار التي ترتبت على ذلك وخاصة في النواحي السياسية. ولم يكن هذا الأمر مقصوراً على بلاد الشرق العربي، وإنما شاركت فيه بلاد المغرب العربي أيضاً، ولهذا فقط حرص على أن يأخذ من تاريخ هذا النيابات المغربية مثلاً يصور علاقاتها بأوروبا في حقبة مبكرة من تاريخ التوسع الاستعماري، واختير المسألة الجزائرية موضوعاً للدراسة في الفصل الخامس. وتصور هذه الدراسة تطور العلاقات بين نيابة الجزائر منذ بدأت تشق لنفسها طريقاً خاصاً نأت به عن السيطرة العثمانية المباشرة، وبين أوربا، وهي علاقات كانت تتسم بالحذر بل بالعداء من الجانبين. وقد خصص لبلاد الشام في العهد العثماني فصلين الأول وهو الفصل الثاني من الكتاب عن "التقسيم الإداري لسورية في العهد العثماني". وافرد لدمشق ومجتمعها في القرن الثامن عشر فصلاً خاصاً هو الفصل الثالث وجعل عماد الدراسة وصف أحد أبناء دمشق لهذا المجتمع في عصره، وهو أحمد البديري الحلاق, ولما كان من غير الممكن أن يخرج كتاب في تاريخ العرب الحديث دون الكلام على فلسطين وتطور قضيتها فقد خصص الفصل الأخير من هذا الكتاب لتتبع المعالم الرئيسية في تاريخ القضية الفلسطينية في إيجاز.