وصف الكتاب:
لكل مجتمع من المجتمعات حضارته التي تختلف كلياً أو جزئياً عن حضارة المجتمع الأخر. والمعروف أن مجتمعات العصور الوسطى هي المجتمع البيزنطي، ومجتمع أوربا بالعصور الوسطى، والمجتمع الإسلامي، والمجتمع الفارسي الذي لم يدم طويلاً في العصور الوسطى، والمجتمع الإسلامي. ومن لا شك فيه أن كل هذه المجتمعات أثرت وتأثرت ببعضها، وذلك في النهاية أصبح لكل مجتمع منها خصائصه التي تميزه في المجتمع الآخر، وحضارة المجتمعات لا تنبت من فراغ، فهي أولاً تعتمد على حضارة المجتمع السابق في المكان نفسه، بمعنى أن مجتمع أوروبا العصور الوسطى قد تأثر بحضارة اليونان والرومان، كما أن حضارة المجتمع تأتي من خلال معتقداته الدينية، والبيئة التي يعيش فيها، بالإضافة إلى المؤثرات الخارجية السابقة لعصره أو المعاصرة له. ومجتمع العصور الوسطى وحضارته التي حولها يدور البحث في هذا الكتاب، هو المجتمع الذي تحول من النظام الروماني إلى المجتمع الأوروبي بعدما طرأ عليه تحويلات كثيرة بسبب تحوله من عبادة الوثنية إلى الديانة المسيحية، وبسبب الغارات الجرمانية التي اجتاحت أوروبا، أو بسبب النظام الإقطاعي الذي ساده، وأخيراً بسبب الحروب الصليبية التي كانت ظاهرة كبيرة في العصور الوسطى كان لها أثرها الكبير في ذلك العصر. وقد بدأ الكتاب بفصل عن الحضارة الكارولنجية وهي الحضارة التي عاصرت فترة حكم شارلمان (768-814م) ثم استمرت من بعده بعض الوقت ثم توقفت، بمعنى أن هذه الحضارة لم تمتد إلى نهاية العصور الوسطى في القرن الخامس عشر، وإن كانت قد أثرت في الحضارات التي أعقبتها مثل نهضة القرن الثاني عشر ثم عصر النهضة. أما الفصول الباقية من الكتاب من الثاني حتى الثاني عشر فإنه ما درج تحت كل فصل يتناول المرحلة منذ بداية العصور الوسطى أو بعدها بقليل حتى نهاية العصور الوسطى، أي أن ما درج في الفصل هو تطور الفكرة منذ بداية العصور الوسطى حتى نهايتها.