وصف الكتاب:
لم يكن نطور النقد الأدبي الحديث بمعزل عن الأحداث والتطورات التي عصفت بالبيئة المصرية التي شهدت ظهور اً ونمواً متواصلاً لتيارات سياسية واقتصادية وثقافية متباينة المشارب والاتجاهات. وقد صاحب هذه الظروف نهضة لغوية وأدبية ساهم الأزهر بدور كبير في إنضاجها إذ لم يقتصر عنايته بعلوم الدين أو العلوم (المقاصد) وإنما تعدى ذلك إلى العلوم العربية أو علوم (الوسائل). وعموماً يمكن الأقوال أن ما دخل المجتمع في هذه الفترة من تيارات سياسية واجتماعية وثقافية طبعت شخصية العامة بطابع الرغبة بالتغيير والتجديد. وربما مرد هذا إلى الاحتكاك بالغرب الأوروبى والانبهار بالحضارة الجديدة وقد يكون هذا ما ألهم طائفة من المجددين الذين نشأوا في هذه الأجواء فراحوا يستلهمون الآداب الغربية ويتبنون قيمها "كما حاولوا أن يجعلوا آدابهم تساير آخر ما وصل إليه الفكر الأدبي في أوروبا وأمريكا. وقد رأى هؤلاء في النقد علماً له تاريخه وأصوله المقررة فراحوا يكشفون عن قيمة المختلفة. ويمكن القول أن فترة الإرهاصات تلك قد تميزت ببروز الذاتية الجماعية والذاتية الفردية وهذا يعني فيما يعنيه بلوغ مستوى من النضج النفسي والاجتماعي مما مهد لالتقاء الفكر الأوروبي بالفكر العربي. ويحدد المؤلف بداية تلك الحقبة مع شوقي ومطران والعقاد وطه حسين والرافعي. وقد اقتضت طبيعة الدراسة أن يأتي الكتاب في قسمين، عالج في القسم الأول الفترة الأولى وما صاحبها من إرهاصات وتحولات بلورت الشخصية الفكرية والأدبية كما بني أثر الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية في ذلك. وقدم المنفلوطي اليازجي والريحاني وجبران نماذج لتلك المرحلة. أما القسم الثاني فيعالج الفترة الثانية التي تمتد منذ العام 1910 ويكشف فيه عن أوضاع المجتمع في مختلف صورة إبان تلك المرحلة، ويحدد سمات الفكر البارزة التي كانت سائدة آنذاك كما يكشف عن الجوانب التي تميز بعض النقاد وإن كانوا جميعاً يشتركون في كونهم قد تأثروا بفلسفة القرن عشر وآدابه وفكره وحرياته وبرجوازيته.