وصف الكتاب:
مرة في أسبوع وأحياناً مرتين، كنا نجلس في الطبقة السفلى من دارته في بعبدا ساعات طويلة منعزلين عن العالم نستعيد الماضي ونقيّم الحاضر. وقد أذهلني صفاء ذهنه وتذكّره تفاصيل كثيرة، قد يصعب على سواه حفظها، وخصوصاً تلك التي تنطوي على أسماء وأماكن وتواريخ. يصغي بانتباه ويجيب بمحبة أو بانفعال تبعاً لموقفه من الموضوع المثار لأن عفويته تحول دون إخفاء ما في ذهنه وفي قلبه تماماً. الشجاعة التي تحلّى بها منذ دخوله معترك السياسة، لا تزال تتجلى في نبرته وهو يروي حكاية العهد. فهو لا ينسى أنه أقسم اليمين بعد رئيسين، استشهدا قبل انقضاء شهر على انتخابهما. كما لم ينس أنّ عهده بدأ على وقع موسيقى الموت التي رافقت سلفه إلى مثواه الأخير. وكل ذلك لم يمنعه من اتخاذ القرارات الصعبة لأنه، كما يردّد، آمن بخياراته ودافع عنها. لقد تجاوزنا في هذه الـ"بيوغرافيا" صيغة السؤال والجواب، فسكبنا الرواية كأنها كلّ متكامل متسلسل التواريخ. وهكذا ظلت لغة الكتاب، اللغة الروائية الممتعة والمباشرة والجريئة التي تميز بها الرئيس الياس الهراوي.