وصف الكتاب:
"الحقائق الوفية في تاريخ بطاركة الكنيسة الأنطاكية" للمؤرخ الخوري ميخائيل بريك الدمشقي القرن 18 - اثناء عملي على تاريخ كرسينا الأنطاكي المقدس وبطاركته لفتتني حادثة غدر ذهب ضحيتها احد بطاركة كرسينا الأنطاكي المقدس ما بعد زمن سيف الدولة الحمداني... وانقلها لك قارئي العزيز بلغة الكاتب ذاك الزمن مع تحقيق بسيط...وقد قصدت منها ايها القارىء العزيز أن تدرك كم عانى هذا الكرسي الأنطاكي المقدس المعذب!!! وكم عانت كنيسة مدينة الله انطاكية العظمى وشعبها السوري الأصيل عبر تاريخنا الأنطاكي والسوري( إذلايمكن فصلهما) من الكل لعل فيها عبرة حسنة، لا سيما والتاريخ يتكرر دوماً بلباس معاصر!!! (وهي بالحرف) واخترت لها العنوان التالي: استشهاد بطريرك" البطريرك خريستوفورس (960-966) وهوالبطريرك الثالث والتسعون في لائحة بطاركة انطاكية العظمى... يقول كاتب المخطوط: "وفي السنة السادسة عشر من خلافة المطيع صار خريسطوفورس بطريركاً على انطاكية فهذا كان كاتباً، وكان من أهل مدينة شيزر(بين حماه ومعرة النعمان) فاضلاً صالحاً وأقام في الرياسة( بطريركاً) عشر سنين ودبر الرعية والكنيسة حسناً، وكان صديقاً لحاكم حلب ومايليها المدعو سيف الدولة( الحمداني) وواحداً من إمارته الذين عصيوا عليه خلفاً وراي هذا البطريرك خريسطوفورس أن يبتعد عن أنطاكية في مدة هذا الخلف ( الخلاف) لئلا يتعلق عليه فيما بعد تهمة من سيف الدولة ومن أصحابه (لئلا يتهمه سيف الدولة بمعاداته) فسار الى دير سمعان العمودي الحلبي. وأقام به وبقي هناك إلى ان عاد سيف الدولة إلى حلب فأتى الى عنده البطريرك خريسطوفورس. ولما نظره سيف الدولة فاحسن قبوله وشكر له ما فعله ومن بُعده عن العاصيين عليهِ، وقدمَّه وتخصص به. وانتقم سيف الدولة من شيوخ أنطاكية بسبب إخراجهم فتح غلامه من أنطاكية وتسليمهم اياها إلى رشيق البسمي ( والي طرسوس أيام رومانوس نقفور دومستيقس الغرب وكان رشيق البسمي من اشد خصوم سيف الدولة وقبض عليهم وصادرهم فتشفع البطريرك اليه في بعضهم وتواسط امرهم عنده، فأجاب مسألتهم فيهم( اجابه الى توسطه). وتوكد (تاكدوا) في نفوسهم مما شاهدوا من تمكن حاله عند سيف الدولة حسداً له وحقداً عليه ثم مات هذا سيف الدولة وارسلوا جسده فدفنوه في ميافارقين لأن اهله كانوا هناك واولاده ولما خرج تقي (غلام سيف الدولة وولاه على أنطاكية) من انطاكية اجتمع رأي ساير أهلها على أن لايمكنوا أحداً من الحمدانية وهم اهالي سيف الدولة من الدخول اليها وولوا امرهم الى علوش الكردي ثم ورد الى حلب رجل من أهل خراسان (بلاد فارس) يسمى محمد ابن عيسى ومعه خمسة آلاف رجل قاصدين لغزو الروم (غزو بلاد الروم) وساروا الى انطاكية ولقيهم اهلها اجمل لقاء وقويت نفوسهم بهم واتفق برأي ثلاثة من شيوخ انطاكية وأماثلها ممن كان البطريرك خريسطوفورس تواسط امرهم وتشفع فيهم وخلصهم من سيف الدولة وهم ابن مانك وابن محمد وابن دغامة على قتل البطريرك لأجل انعامه عليهم فوقف على ما هموا به رجل وجه من وجوه المسلمين صديق للبطريرك (يُعرف بابن ابو عمرة فكشف للبطريرك) عنما عولوا عليه وحدثه به واشار عليه ان يخرج من باب المدينة آخر النهار، فانه ما يصبح الا وهو في أعمال حلب ويكون قد تخلص من شر أعدائه فشكره البطريرك على نصيحته وأعلمه ان ينظر في أمره ويفعل ما يقتضيه العذاب. واستقر رأي البطريرك على ان يقصد ابن مانك أحد اولئك الثلاثة ليفيه بما بينهما من وكيد المودة.( صادق المودة )فراسله البطريرك يسأله الاذن في مسيره إلى عنده واجتماعه به... فأجاب ابن مانك الى البطريرك يحتج بانشغال في وقته ذلك، وانه إذا تفرغ أنفذ فأعلمه( اعتذر متعللا بانشغاله وانه متى نفرغ يرسل في طلبه) ولما ذهب الثلث الأول من الليل وافى رسول ابن مانك الى البطريرك يستدعي حضوره إلى داره فسار اليه لثقته منه به، ولقيه ابن مانك لقاءً جميلاً ثم قال له : " سايلك يابطرك وانت واحداً من أهل المدينة لما لنا تسيء الرأي فينا وتعامل علينا؟ ( لم نسيء الظن بنا وتواصل عدونا علينا؟) فقال له البطريرك وكيف ذلك ياسيدي؟ فأجابه: لأنك تكاتب الروم وتستنهضهم الى قصدنا وتطمعهم فينا" فحلف له البطريرك انه ما كاتب الروم قط ولا كاتبوه وسألوه( وسأله دليلاً) عن الدليل على ما اتهمه به. فنهض ابن مانك كأنه يطلب كتاباً وكان قد استدعى من الخراسانيين واوعدهم يقتلوا البطريرك فدَّخّلهم وحالاً وثبوا على البطريرك بالخناجر. فضربه واحدٌ بخنجر في بطنه فأنفذه إلى خلف، فسقط على الأرض. ومع سقوطه قطع رأسه وطرحه في أتون الحمام في جوار دار ابن مانك. واخرج جثته من باب المدينة وطُرحت في النهر في سنة 356 للهجرة. وانفذ ابن مانك قبل الصبح قوماً الى الكنيسة المدعوة كنيسة القيسان (كنيسة بطريرك انطاكية) وقبضوا على ماوجدوه في منزل البطريرك وفي خزانة الكنيسة. وعاقبوا الخازن إلى أن أظهر لهم آنية كانت مستورة فأخذوها ولم يتركوا على نحاس ومصاحف ( اناجيل مصفحة بالفضة والذهب) ليست كثيرة، وأخذوا ايضاً كراسي مار بطرس الرسول ( كرسي البطريرك او الكاتدرا) الذي كان من خشب النخل مصفح بفضة وحفظوه في دار شيخ من شيوخهم يُعرف بابن عامر ولم يزل في داره إلى ان ملكوا الروم انطاكية. (فتح الروم انطاكية) وكان ذلك بعد قتل هذا البطريرك بثلاث سنين فقط... ثم من بعد ثمانية ايام من قتل البطريرك ظهرت جثته على جزيرة من النهر فخرجوا قومٌ من النصارى واخذوها سراً ودفنوها في الدير المعروف بارشابا في ظاهر المدينة، ولبث كرسي انطاكية بعد قتل خريسطوفورس بغير بطريرك سنتين وتسع شهور. وبعد ثلاث سنين( فتح نقفور الملك ) (ملك بيزنطة) انطاكية وقبضوا جماعته (قبض اعوانه) على ابن محمود وابن دغامة الذين شاركوا ابن مانك في قتل البطريرك فوضعوا في اعناقهم حجارة، وطرحوهم في البحر واما ابن مانك فانه هرب، فلقيه عصبة رجال سريان عند الجبل الأقرع (مصب العاصي على البحر في السويدية) فقبضوا عليه ودفعوه الى وكيل نقفور(ملك الروم)الملك المتولي في انطاكية فحبسه اياماً ثم اخرجه الى حبس باب البحر حيث طرحت جثة البطريرك خريسطوفورس، وهناك قُطِّع بالسيف قطعاً،ورميت كل واحدة بضعاً بضعاً في ناحية...لأن الأخذ بالسيف، بالسيف يؤخذ."(لأن من أَخذ بالسيف فبالسيف يُؤخذ)." (انتهى نص السيرة في المخطوط) د.جوزيف زيتون الصور: سيف الدولة الحمداني، قلعة حلب، دير القديس سمعات العمودي.