وصف الكتاب:
الكتاب مقسم لأربع مقالات المقالة الأولى تتحدث عن حضارة إسلامية مسيحية سارت على التوازٍ، ويفترض بأن هناك حضارة مسيحية في شرق أوروبا قامت بالتواز مع الحضارة الاسلامية في دمشق أو بغداد أو غيرها. هذه المقالة جائت رداً على هنجتون وصراع الحضارات بإبراز فكرته تلك حول الحضارة الاسلامية المسيحية مقالته كانت محاولة ربط أفكار غريبة وبالقوة لإثبات صحة افتراضه السابق وعبر بعض إيراد الأفكار الخاطئة أو الأخرى التي لم يهتم بإثبات صحتها التاريخية وهكذا ويبدو لي أن يفهم الاسلام كدين من خلال فهمه للمسيحية ولا يبدو له أي إختلاف عقدي أو تاريخي بينهما سوى بعض الفروقات التي أعتقد بأنها خفيفة. أيضا محاولته هذه قللت من دور الحضارة الإسلامية وهذا ما لا يمكن قبوله طبعا، وتقليله من شأن الفروقات التي تثبت تفوق المسلمين بحضارتهم وقتها وتخلف الأوروبيين. أكثر ما أثبت لي تشوش المعاني لديه هو تطبيقه مفهوم اليمين واليسار السياسي الغربي، على المجتمع الاسلامي دون أي انتباه لوجود اختلاف أو فروقات مابين المنطقتين. المقالة الأخرى كانت للرد على المستشرق برنارد لويس وذلك بمحاولة تطبيق الإفتراض السابق بالمسار المشترك للحضارتين الإسلامية و المسيحية، وهنا يوضح بعض الفروقات التي تثبت تفوق الحضارة الإسلامية و اختلافها عن الغربية، والتي لا يعتقد أبدا بأنها دليل على افتراق الحضارتين أو بالأصح تنقض نظريته. المقالة الثالثة كانت تتحدث عن مؤسسات الاستشراق أو المؤسسات الأمريكية المعنية بسياسات دول الشرق الأوسط، والتي ترتكب خطأً ( من جملة أخطائها الغير منهية طبعا) عرفه هو بأنهم يبحثون عن أشخاص شرق أوسطيين يشبهون الأمريكان ( او الغربيين) ليحبوهم، وبذلك عليهم أن يحولوا الآخرين الذين لايشبهونهم أو يأثروا على ثقافتهم وسياسة بلدهم حتى يتمكن الأمريكين من القبول بهم، وبالتالي محبتهم، هكذا بكل بساطة شرح بوليت الأفكار المنتشرة في بلاده تجاه الشرق الأوسط، و قام بالإعتراض عليها متفهماً بان للمنطقة خصوصيتها والتي تجعل أمراً كهذا غير ممكن على المدى البعيد أو القصير وذلك باستطلاعه لعدد من المقالات والكتب حول هذا الموضوع. تأثير كتاب إدوارو سعيد حول الاستشراق يبدو واضحا، خصوصا في المقالة الثالثة حيث وضع عنواناً جانبياً وتحدث عن كتابه، واستفاد من أفكاره خصوصا فيما يخص نظرية التفوق الغربي التي تفترض أن على العالم الإسلامي أن يلحق بالغرب لأجل التطور وأن الغرب والغربي هم المقياس. أعطاني فكرة حول الاستشراق الأميركي الحديث المرتبط بمؤسسات الهيمنة السياسية وليس عبر مؤسسات أكاديمية بحثية كما كان الاستشراق الأوروبي يغلف نفسه، ورغم إن إدوارد سعيد كتب كتابه عن الاستشراق الأوروبي لكن بوليت يقول هنا بأن ما ينطبق على الاستشراق الأوروبي بالإمكان تطبيقه على الاستشراق الأميركي الحديث. المقالة الأخيرة كانت قراءة استشرافية لمستقبل الحضارة الإسلامية والأمة ككل، يفترض هنا بأن الدور سيكون للدول البعيدة أي في الأطراف كأندونيسيا وغيرها، و لن يكون من داخل الدول المؤثرة حاليا مثل مصر أو السعودية أو باكستان لأسباب عدة ذكرها، وقال بأن الأزمة الحالية في العالم الإسلامي هي أزمة سلطة وسيكون حلها عبر هذه الأطراف وعبر المؤسسات وليس الأفكار، و سيكون دور الدول ذات المؤسسات الدينية الرسمية مثل الأزهر والإفتاء في السعودية هامشيا وثانوياً، لأن تدخل الدول في تنظيم المؤسسات الدينية ومراكز الإفتاء أضعف دورها في هذه الدول، وأن الدور التاريخي لعلماء الأمة كان يأتي من خارج المؤسسة الرسمية الحكومية عبر مساهمة العلماء في رفع الظلم ومجابهة الحكام وهذا ماتم سحبه من تحت أقدام العلماء اليوم عبر المؤسسات الحكومية والتنظيم الإداري لها، وتنبأ أيضا بتفوق الاسلام السني مقابل الشيعي و الذي تنبأ له بأزمة داخلية.