وصف الكتاب:
إن مؤلفي التاريخ والحوادث يفترقون عن بعضهم في ما يتوخونه من مؤلفاتهم، حسب غاية كل منهم. ففريق يتوخى تخليد حقائق قد ينتفع بها الناس، متعظين بما حوته من خير وشر، فترجح كفة أهل الخير ويبقى جميل ذكرهم قدوة صالحة لمن يأتي بعدهم. وفريق يتفكه بسرد الحوادث الماضية، وثالث تسيطر عليه نزعات سياسية أو حزبية أو اجتماعية أو شخصية تجتذبه إلى مراميها، وقد تحيده عن ذكر الحقيقة ناصعة عارية ورابع روائي ينقل الحوادث كما تحلو له فيلبسها الشكل الذي يلائم ذوقه وروايته. وخامس يستهدف مجرد الشهرة أو المنفعة. والمؤلف، عند نشر هذه الذكريات التاريخية عن مختلف العهود التي خبرها (العثماني والفيصلي والانتدابي والاستقلالي) قد اختار أن يكون من الفريق الأول، محتفظاً بذلك، في أواخر أيامه بما شاب عليه من إخلاص ومبدأ. ويتضمن هذا الجزء تفصيلاً وافياً عن "بيروت ولبنان في عهد آل عثمان" تبعاً لما جادت به مقتضيات الوظيفة (رئاسة القلم التركي لحكومة جبل لبنان المستقل (إدارياً) من تجارب ومعلومات شملت أحداث الحرب العالمية الأولى التي انتهت سنة 1918 بجلاء الترك ودولتهم العثمانية نهائياً عن سورية ولبنان.