وصف الكتاب:
عندما شاع في فرنسة، في شهر تموز سنة 1925 إن فرقة التونسيين والسوريين المنضوين تحت راية الجيش الفرنسي، قد قضي عليها في سورية على أيدي أهالي جبل الدروز، وبعدما هزم هؤلاء الدروز، بعد مضي بضعة أيام، فرقة كبيرة أرسلت إلى المنطقة لإعادة الأمن إلى ربوعها.. بعد هذا كله بلغ التأثر في الأمم التابعة لفرنسة، مبلغاً بعيد المدى. في تلك الأثناء، لم يعط الرأي العام الأهمية الكافية للثورة الدرزية، ولم يأبه للصعوبات الهائلة التي كان على البعثة العسكرية الفرنسية للشرق، أن يواجهها في مقاومة تلك الثورة، لأنه أي الرأي العام كان مشغولاً بالحركات والحوادث التي أخذت تتسع وتقوى في مراكش. وللخروج من موقف كان في كثير من الأحيان مشؤوماً، وللقضاء على عصيان دمشق والانتصار على الثورة الدرزية الأمر أن اللذان قاما للأسباب نفسها واندلعا في ساعة واحدة قام جنودنا بمجهود جبار يجدر إيضاحه، وذلك لاستعادة الاحترام الذي يستحقه جيشناً. والحقيقة أن الصحف كانت تتحدث عن جبل الدروز، فقد ذكرت بعض العبارات عن المعارك التي دارت فيه، وكتبت بعض الفصول عن إخماد الفتنة في هذا البلد. ولكن كيف ولدت هذه الثورة؟ وكيف جابهناها؟ ولماذا طال الأمد لإعادة السلم إلى تلك الربوع؟ هذا على ما يبدو ما برح مجهولاً. والأمر الذي لا ريب فيه، أن الشعب الدرزي انساق في ثورته وراء بعض المشايخ من أصحاب المآرب الطماعة وأن هؤلاء المشايخ، دون شك، لم يتصرفوا كذلك إلا مدفوعين بتأثيرات أكثرها أجنبية، إذ فور سقوط الإمبراطورية العثمانية، أثيرت فكرة تدعو إلى خلق إمبراطورية عربية واسعة، على حساب مصالح فرنسة في الشرق. وفي باريس، وجنيف، وسورية، دبرت مؤامرات لا تحصى، كان من نتيجتها تلك المشكلات المؤلمة بعض الأحيان، التي عاناها الانتداب الفرنسي في السنوات الأولى من قيامه. ما هي تلك المشكلات والصعوبات؟ وكيف تغلبنا عليها؟ هذا ما ستحاول هذه الدراسة بحثه والحديث عنه بأسلوب يعتمد على السرد التفصيلي للأحداث التاريخية التي شهدتها "ثورة الدروز".