وصف الكتاب:
تقوم تاريخ لوقا في تاريخ المسيح والمسيحية على خبرته الذاتية وعلى المصادر الشخصية والمكتوبة التي يشير إليها في فاتحة الإنجيل، وخصوصاً التزامه الدائم لشهود العيان للدعوة المسيحية ودعاتها الذين يفخر بذكرهم وصحبتهم في مطلع الإنجيل. إلى جانب ذلك، فإن نزعة لوقا التاريخية الجامعة تظهر من اتصالاته المتعددة، وصلاته المختلفة، وكذلك من صلته بمدرسة يوحنا الرسول، وتركيزها في دعوتها على دعوة يسوع في اليهودية وأورشليم. كما وأن نزعته التاريخية الجامعة تظهر أيضاً من تكميل لوقا سيرة المسيح ودعوته في الإنجيل رواية نشأة المسيحية ودعوتها في "المسكونة" دولة الرومان في سفر الأعمال. ومن ناحية أخرى، فإن التحري التاريخي جعل لوقا، ضمن الإنجيل الشفوي الذي به يدعون وضمن المخطط العام الموضوع للدعوة الرسولية، ينفرد بذكر أشياء لم يذكرها سابقاه متى ومرقس وقد طبعت تحريات لوقا التاريخية الإنجيل بطابعه التاريخي والإنساني معاً. وأسلوب لوقا التاريخي الجامع يظهر من استفادته من تيارات الدعوة المسيحية القائمة: مدرسة بطرس (كما عند مرقس ومتى)، ومدرسة يوحنا الرسول، ومدرسة بولس. وأما طريقة العرض والتدوين لدى لوقا، فهو يجمع بين السيرة والدعوة جمعاً فنياً على طريقة الذوق اليوناني في كتابة التاريخ، فلا يكتفي، كما مرقس، بتدوين الأحداث أكثر من الخطابات، ولا كما متى في جمع أقوال يسوع وتعاليمه في خمس خطب جامعة، فهو يردّ الأعمال والأقوال إلى مناسباتها التاريخية، على قدر ما يسمح له التخطيط العام الذي وضعه الرسل للدعوة الأولى.