وصف الكتاب:
هذه دراسة تعريفية موجزة، قد يفتقر بعض جوانبها إلى البسط والشرح وذكر الأمثلة والشواهد، ولكنها لا تفتقر إلى الدقة والموضوعية، وإلى غلبة روح البحث العلمي بوجه عام. والذي يشفع في وضعها بين أيدي القراء أنها كتبت من موقع المصارحة، ومن خلال الرغبة الجادة والصادقة في دعوة أصحاب الفكر القومي في البلاد العربية إلى تأكيد التزامهم بالمضمون الإسلامي للشخصية العربية، أو ممارسة حقهم -على اختلاف أديانهم ومذاهبهم- في العودة إلى هذا المضمون بعد سقوط الاشتراكية، وترنح العلمانية.. وبعد فشل جميع محاولات التعريب والتغرب التي تجاوزت الإسلام، والتي تمت كما هو معلوم تحت شعار التحديث والمعاصرة، ومحاولة اللحاق بركب الأمم المتحضرة أو المتقدمة (في الشرق والغرب) ولهذا فإن النقاط الجديرة بالوقوف أمامها في هذه الدراسة -بوجه خاص- تلك التي تحدثت عن تجاوزات الفكر القومي، والتي تناولت آثار الدعوة إلى العلمانية في البلاد العربية والإسلامية.. تعبيراً عن وجهة نظر المؤلف في المسائل التي قدر أن على دعاة القومية أن يعيدوا فيها النظر.. خصوصاً إذا ذكرنا أن الدعوة إلى العلمانية مشت غالباً في ركاب الفكر القومي، وأن القوميين طالما ربطوا بينها وبين التقدمية في العالم العربي. وربما كان طرف من أهمية هذه الدراسة يعود إلى بروز الدولة القومية -والروابط القومية- مرة أخرى بعد انهيار الإمبراطورية الروسية، وتفكك بعض "دول" أوروبة الشرقية. كما برزت مثل هذه الدولة والروابط، في حوض البلقان وفي البلاد العربية، بعد انهيار الدولة العثمانية. وإن كان من الجدير بالاعتبار بهذه المناسبة أن الإمبراطورية العثمانية عاشت ستة قرون، في حين أن الاتحاد السوفيتي -أو الإمبراطورية الروسية كما كنا ندعوها منذ سنوات طوال- لم يصمد أكثر من أربع وسبعين سنة، على الرغم من القوة النووية الرادعة وبسط النفوذ الهائل! وفي حين أن الدولة العثمانية ضعفت تدريجياً، وانهارت خلال عقود من الزمان، فإن سقوط الاتحاد السوفياتي كان سريعاً ومباغتاً... ويكاد يكون مسرحياً!! بالإضافة إلى أن العوامل الخارجية لعبت دوراً حاسماً في سقوط الدولة العثمانية (تكالب الدول الأوروبية على الرجل المريض) أكثر مما لعبته في سقوط الاتحاد السوفيتي عشرات المرات! وربما كان هذا السقوط الذي تم على أيدي "الأتباع" الذين بلغوا مرتبة القيادة والزعامة، تعني أتباع المذهب الشيوعي الذي قامت عليه الإمبراطورية، غير مسبوق! هذا ولم ينسى المؤلف أن يضيف لطبعة الكتاب الجديدة بعض التعديلات والإضافات، في كل من موضوعي الكتاب: القومية والعلمانية. وقد كانت نشأة العلمانية وعمقها التاريخي في المجتمع الأوروبي، ومقولتها في فصل الدين عن الدولة، من أبرز المسائل التي جرى عليها هذا التعديل.