وصف الكتاب:
"الرباني" هو المنسوب للرب تبارك وتعالى "ولكن كونوا ربانيين" والألف والنون للمبالغة، ويمكن القول بأن الرباني هو الذي يقوم في نفسه على العلم والعمل والإخلاص، وفي علاقته بالآخرين على طاعة الله بمخاطبة القلوب والعقول بكلمة الإسلام. ولا يألو أحدهم جهداً في إيصال الخير للآخرين، وتربية الناس على ما يخاطبهم به في هدي الكتاب والسنة، وهي تربية بالكلمة والقدوة. من هنا كان من الأمور التي هي موضع الإعجاب والغبطة ما يشهده المرء، حين يرجع البصر في سلوك أولئك الرجال الذين نسبهم ربنا تبارك وتعالى لنفسه - أولئك الذين تسعد بهم الأمة ويشرق بسلوكهم التاريخ - من تكامل في البنية التربوية؛ حيث لا تنمو قضية جوهرية على حساب قضية جوهرية أخرى، فتراهم يستبقون الخيرات متحلين بكريم الأخلاق في كل ميدان يقدَمون فيه على السباق في مضماره، ولا يتخلفون عن مكرمة يشهدها من همّهم نصرة دين الله في أنفسهم وفي المجتمع؛ بل الأمة على حدّ سواء. إلى جانب ذلك فإن ما يستوقفك وأنت تتبصر في سلوك هؤلاء العلماء الحكماء المجاهدين تحليهم بالعلم النافع والعمل الصالح... ومن ذلك الجهاد في سبيل الله، واستوقفك إرتيادهم لشتى ميادين الصلاح والإصلاح، بدءاً من الدرس والتدريس والتعليم، إلى التعاون المستمر في سبيل الصلاح والإصلاح، وصدق الوجهة في التأله والتنسك والتربية بالكلمة والقدة، والتجرد من كل ما يتنافى مع الإخلاص من رباء او غيره. من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب الذي يتضمن حديثاً عن صفوةٍ من أحباب الله الربانيين الذين علموا وعلّموا وعملوا، واجتهدوا في إيصال الخير إلى الآخرين على بينة من ربهم في نور هداية الإسلام، وهو إلى هذا حديث يصحبه شيء من الدراسة والتحليل بغية الوصول إلى ما يمكن من تيسير الإنتفاع للقارئ بمواقف الواحد منهم، وكلماته ومواعظة وسلوكه علماً وعملاً، درساً وتدريساً وجلباً للخير إلى المسلمين، ناهيك عن الزهادة والتأله والعبادة، والجهاد في سبيل الله، علماً بان النسب متصل بين سلوك هؤلاء الربانيين في رسالة العلم والعمل والدرس والتدريس والإصلاح، وبين طبيعة الرسالة المحمدية. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الصفحات كانت في الماضي مجموعة مقالات للكاتب في ركن في مجلة "الحضارة الإسلامية" الدمشقية ركان عنوان "هكذا يعلم الربانيون". وها هو، وتعميماً للفائدة، ينشرها اليوم مجتمعة من خلال هذا الكتاب مزودة بقدر كان من التوثيق، وبقدر لا بأس به من التنقيح والزيادة والتحرير، كما حرص الكتاب على إثبات تاريخ النشر بالسنة والشهر في الحاشية، لما في ذلك فائدة للقارئ.