وصف الكتاب:
من نعم الله سبحانه وتعالى إن جعل الاستطاعة مناط التكليف، وفي نطاقها نشأ وتولد الفقه الإسلامي، الذي يمكن وصفه بمجموعة بأنه فقه الاستطاعة أو فقه الممكن. فالشريعة في مقاصدها النهائية إنما جاءت لتهذيب الإنسان وليس لتعذيبه، فالضرورات تبيح المحظورات، والمشقة تجلب التيسير، وما جعل الله علينا في الدين من حرج. ولقد شاءت إرادة الله وحكمته أن يكون رسوله إلى المؤمنين منهم، فجاء رسولاً من أنفسهم، بلسانهم (واللغة واللسان هي دعاء المجتمع)، وكان ابن مجتمعه، يعيش ظروفه ويتكامل مع واقعه وبيئته، ويجري عليه ما يجري على سائر الشر من الظروف والأحوال إلا ما اقتضته مهمة النبوة من العصمة، التي تعتبر من لوازم النبوة وصحة التبليغ. ومن وحي ما يحيط بالعالم الإسلامي وبالمسلمين من خلط وفوضى في هذه القضية لذا عدد المؤلف في كتابه هذا إلى إلغاء الضوء على بعض الآفاق من فقه الواقع، وتحديد فقه الاستطاعة في كيفية التعامل معه، وتنزيل قيم الكتاب والسنة عليه، وذلك من خلال العودة إلى مشكاة النبوة، لأن إحياء المنهج هو السبيل إلى إعادة قراءة هذا الواقع بدقة وموضوعية، للتبصر بكيفيات تغييره، وثم تحديد مواطن الخلل وأسبابها، التي لقت بالأمة المسلمة فأقعدتها من ممارسة دورها في الشهادة على الناس وإلحاق الرحمة بهم، والتحقق بالرفية الاستراتيجية التي تفقه الحاضر، وتستشرف الماضي، وتبصر المستقبل، وتدرك العواقب والتداعيات المترتبة على حقلها.