وصف الكتاب:
يأتي هذا الكتاب ثمرة لمدارسة مع الشيخ محمد الغزالي. وقد جاءت هذه الدراسة أقرب لطبيعة الحوار ومتماشية مع نسق الخطاب القرآني في عرضه المتنوع والمستخلص من هذه المدارسة ليس كيفية التعامل مع القرآن أو بيان آداب التلاوة، على ضرورتها وأهميتها في استحضار القلب، والتأهل للتلقي... ولا ضبط مخارج الحروف وحسن التلاوة والتجويد، على الرغم من قيمة ذلك ولزومه لقارئ القرآن، وكذلك ليس المستخلص من كيفية التعامل مع القرآن في هذه المدارسة في أن يصبح القرآن مصدراً للمعرفة والثقافة والتربية، بحيث يكون إطاراً مرجعياً، وضابطاً منهجياً، لشُعَبِ المعرفة جميعاً.. وإنما المراد استخلاصه هو أن يكون مصدراً للفقه الحضاري، يمكّن المسلمين من استرداد دورهم في الشهادة على الناس والقيادة لهم إلى الخير، وأن يحققوا خلود القرآن في واقعهم، ذلك أن الخلود يعني فيما يعني، التجرد عن حدود وقيود الزمان والمكان، أي تجريد النص من ظروف الزمان والمكان، والقدرة على التوليد وتحقيق الإنتاج القرآني في كل زمان مكان. أو بمعنى آخر، امتلاك القدرة على النظر للنص القرآني. من خلال الواقع والمعاناة التي يعيشها المجتمع، وتنزيل هذا النص على الواقع بحسب استطاعته، والنظر للواقع والمعاناة من خلال النص القرآني، ومحاولة تقويم هذا الواقع بقيم القرآن، إذ لا يمكن ولا يعقل أن تقتصر الأحكام على عشرات آيات الأحكام إلى خمسمائة آية، وكأن بقية الآيات لا حكم لها، وهي موجودة للتبرك والاقتصار على التلاوة فقط. فأين أصول الفقه التربوي المستوحاة من آيات القرآن ومقاصده؟ وأين أصول الفقه الاقتصادي والاجتماعي والنفسي والإنساني؟ وهكذا يبدو واضحاً أنه لا بد من تأسيس أصول فقه تربوي، وأصول فقه اقتصادي، وأصول فقه اجتماعي، وأصول فقه في مجال دراسة الإنسان نفسه على غرار أصول الفقه التشريعي والإفادة من مناهج وعطاء لأصول الفقه التشريعي، في المجالات الأخرى. وهذا فعلاً ما حاولت هذه المدارسة التأكيد عليه بهدف تعامل مع القرآن من منطلق فكري واجتهادي معاصرين.