وصف الكتاب:
جاءت العقائد السماوية كافه بتقرير عقيدة واحدة هي عقيدة إفراد الله تعالى بالعبودية، وترك عبادة من سواه، فجميع الرسل نادوا في قومهم: {أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} (المؤمنون:32) إلا أن أحكام الشرائع اختلفت من شريعة لأخرى، قال تعالى: {لكل أمة جعلنا منسكًا هم ناسكوه} (الحج:67). وجاءت شريعة الإسلام ناسخة لما سبقها من الشرائع، ومهيمنة عليها، واقتضت حكمة الله سبحانه أن يشرع أحكامًا لحكمة يعلمها، ثم ينسخها لحكمة أيضًا تستدعي ذلك النسخ، إلى أن استقرت أحكام الشريعة أخيراً، وأتم الله دينه، كما أخبر تعالى بقوله: {اليوم أكملت لكم دينكم} (المائدة:3). وقد بحث العلماء الناسخ والمنسوخ ضمن أبحاث علوم القرآن الكريم، وأفرده بعضهم بالكتابة. والنسخ هو رفع الحكم الشرعي، بخطاب شرعي. وعلى هذا فلا يكون النسخ بالعقل والاجتهاد. ومجال النسخ هو الأوامر والنواهي الشرعية فحسب، أما الاعتقادات والأخلاق وأصول العبادات والأخبار الصريحة التي ليس فيها معنى الأمر والنهي، فلا يدخلها النسخ بحال. ولمعرفة الناسخ والمنسوخ أهمية كبيرة عند أهل العلم، إذ بمعرفته تُعرف الأحكام، ويعرف ما بقي حكمه وما نُسخ. بدأت العناية بعلم الناسخ والمنسوخ في القرآن إلى عصري الصحابة والتابعين واستمرت الى يومنا فهو من العلوم التي تضاربت فيها الآراء وتشعبت في فهمها وتفسيرها الأفكار.