وصف الكتاب:
يعد القرنان الثالث والرابع الهجريان من أنضج قرون الثقافة الإسلامية إنتاجاً، وما غرس من القرن الأول على يد الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وسقي على أيدي التابعين وأتباع التابعين من القرن الثاني بدأ يؤتي أكله ناضجاً شهياً في القرنين الثالث والرابع. في هذا العصر الذهبي ولد إمام الأئمة الفقيه المجتهد صاحب هذا المؤلًّف، أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري سنة 223 نيسابور، غني بالحديث منذ حداثته، وسمع من إسحق بن راهويه ومحمد بن حميد، وارتحل لسماع الحديث النبوي. حيث بدأ رحلاته العلمية وهو في السابعة عشرة من عمره، وقد اتسعت رحلاته حتى شملت الشرق الإسلامي حينذاك، روى عنه جماعة من مشايخه منهم البخاري ومسلم خارج الصحيحين وآخرين قال ابن حبان عنه: "ما رأيت على وجه الأرض من يحسن صناعة السنن ويحفظ ألفاظها، الصحيح وزياداتها حتى كان السنن كلها بين عينيه، إلا محمد بن إسحاق فقط". كانت وفاته سنة 311هـ. تاركاً مؤلفات كثيرة تزيد على مائة وأربعين، ومن أهمها "صحيح ابن خزيمة" ويعد هذا الكتاب من أهم ما أُلّف في الصحيح المجرد بعد الصحيحين للبخاري ومسلم وقد رتب علماء هذا الفن ونقاده، هذه الكتب الثلاثة التي التزم مؤلفوها رواية الصحيح من الحديث وحده (الصحيح المجرد) بعد الصحيحين على الترتيب الآتي: صحيح ابن خزيمة، صحيح ابن حبان. المستدرك للحاكم ترجيحاً منهم لكل كتاب منها على ما بعده في التزام الصحيح المجرد. وقال عنه ابن الصلاح: "يكفي مجرد كونه موجوداً في كتب من اشترط منهم الصحيح فيما جمعه ككتاب ابن خزيمة". ونظراً لأهمية هذا الكتاب تمّ الاعتناء به قديماً وحديثاً. ويأتي صحيح ابن خزيمة في طبعته هذه محققاً حيث اقتصر فيه المحقق في تخريج الأحاديث على الشيء الضروري دون التوسع في التخريج، مع محاولة الحكم على الأحاديث الواردة في هذا الصحيح لابن خزيمة تصحيحاً وتحسيناً وتضعيفاً، إن لم يكن ذلك الحديث مخرطاً من "الصحيحين". وفي التعليقات استعمل المحقق الرموز المتبعة في كتاب المعجم المفهرس لألفاظ الحديث، مع تعديل بسيط.