وصف الكتاب:
إنني وقفت على كتاب صغير عنوانه: نقض المباني في فتوى اليماني معزوًّا إلى مؤلفه سليمان بن عبد الرحمن بن حمدان حاصله الرد على صاحب رسالة المقام الذي هو عبد الرحمن بن يحيى المعلمي. وبعد الحصول على الرسالة والنظر فيما تقتضيه من الدلالة، وجدتها رسالة وجيزة سماها مقام إبراهيم وهل يجوز تأخيره عن موضعه عند الحاجة لتوسيع المطاف، وساق فيها ما عسى أن يقال من حجج المانع والمقتضي بعبارات تتقلب مع الحق وبلسان يتحلى بالصدق حسبما ظهر لي من قوله، ولا أزكيه عند ربه، يعزو كل أثر إلى راويه مع بيان علله ومنافيه حسبما تقتضيه أمانة الرواية وثقة الدراية، وقد رجح جواز تحويله عن محله إلى محل قريب منه رفقًا بالناس، وكما سبق نظير هذا العمل من فعل عمر بطريق القياس وإجماع الصحابة الأكياس، وحاصل ما أورده مما عزاه وأسنده من الآثار الضعيفة والجيدة، وما نزع إليه بموجب اجتهاده وأيده فإنه من الأمر الجلي الواضح إن لم يكن للصواب فيه ملمح ففيه للاجتهاد مسرح. ثم إن سليمان بن حمدان حمل عليه حملة الصائل السكران فأنحى عليه بالملام وتوجيه المذام، حتى كاد أن يخرجه عن دائرة الإسلام بعبارات كلها تقتضي الجنف والجفا وتنافي الإنصاف والحفا، قد جعل فيها الجد عبثًا والتبر خبثًا والصحيح سقيمًا والضعيف المعلول مستقيمًا، وفيه الشيء الكثير من الهذر والهذيان والزور والبهتان والتدليس والكتمان ما يستبعد وقوعه من مثل هذا الإنسان.