وصف الكتاب:
تعني هذه الدراسة بأمرين متصاحبين: دراسة الفكرة الإسلامية في إعادة صياغة العلوم والمعارف وفق منظور تكاملي ينبني على رؤية توحيدية كلية، من خلال تقويم أدبيات التكامل المعرفي في مدرسة إسلامية المعرفة، ودراسة تجربة الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا في تأطير مفهوم التكامل المعرفي بين معارف الوحي الإسلامي والعلوم الإنسانية، وترجمته من خلال مناهجها الدراسية، في واحدة من أهم كليات الجامعة التي تم إنشاؤها لتحقيق هذه الرؤية واختبارها، وتطوير الأفكار المتصلة بها. يعد المنحى الإجرائي التقويمي لتجربة محددة ومشخصة وجهاً آخر لأهمية الدراسة. إذ يخرجها من دائرة البحث النظري لتطور أفكار إسلامية المعرفة، وتحليل نماذجها الفكرية، أو موازنتها بغيرها من نماذج معرفية، إلى النظر في منجزاتها العملية وتقويمها، مزية هذا النوع من البحوث أنه يصل النماذج الفكرية بواقعها العملي، وذلك بدوره يعين في تطوير النظرية، وأشكال تنزيلها للعمل بها وتطبيقها. تهدف الدراسة إلى الآتي: 1-المساهمة في دراسة مفهوم التكامل المعرفي الذي بشرت به أدبيات إسلامية المعرفة، وتوضيحه. 2-تتبع أثر التوجهات الفكرية الإسلامية المعاصرة على فكرة التعليم الجامعي وفلسفته، ومناقشة مدى اختلاف نموذج الجامعات الإسلامية التي تبنت أفكار التكامل المعرفي، والتأصيل الإسلامي للمعرفة، وإسلامية المعرفة عن النموذج التقليدي للجامعة الإسلامية. 3-تحديد المبادئ والأسس العامة لتصميم مناهج جامعة إسلامية، وتحليل المساهمات الإسلامية في حقل المناهج، ومناقشة دورها في صياغة نظريات أو نماذج تربوية إسلامية في التعليم الجامعي. 4-اختبار مدى وضوح مفهوم التكامل المعرفي في مناهج الدراسة الجامعية بكلية معارف الوحي الإسلامي والعلوم الإنسانية بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، التي تعد تجربتها من أثرى التجارب الإسلامية المعاصرة في حقل التعليم الجامعي، وذلك من خلال بحث القضايا التالية: أ-مفهوم التكامل المعرفي الذي تم تبنيه لتوجيه فلسفة هذه الكلية ورؤيتها في وضع برامجها ومناهجها الدراسية. ب-الأسس العلمية لتنظيم مناهج الدراسة وتصميمها بهذه الكلية، وذلك بهدف تحليل البرامج الدراسية بكلية معارف الوحي والعلوم الإنسانية في ضوء متطلبات التخصص وحدود المنهج، وما يتصل بذلك من تصميم المناهج، والمقررات الدراسية، ولغة التدريس. ج- تجربة الاعتماد على مقررات نظريات المناهج الغربية فيما يتعلق بأشكال تصميم المنهج، وتنظيم محتوى المعرفة الإسلامية وأثره على التجربة. د-مناقشة قضية إيفاء البخوث والدراسات الإسلامية في حقل المناهج بمظريات تربوية إسلامية تعين على إعادة صياغة القضايا المتصلة بالمناهج إسلامياً، للاهتداء بها حال التطبيق العملي. رصد ما أضافته التجربة للنظرية التربوية الإسلامية، بالنسبة إلى تصنيف العلوم، وتكامل المناهج الدراسية، والتخصصات العلمية الجامعية، والصعوبات التي واجهت التجربة في عقدها الأول. وبشكل عام تشتمل الدراسة على ستة فصول، يعد هذا الفصل الأول فيها وهو فصل تمهيدي، تضمن شرحاً لمشكلة الدراسة وإطارها النظري ومناقشة للدراسات السابقة قصد منها توطين أطروحة الدراسة الحالية. والفصل الثاني ناقش مفهوم التكامل المعرفي في الفكر الإسلامي المعاصر موضحاً العلاقة التداخلية بينه وبين مفهوم إسلامية المعرفة، من خلال مناقشة التشكلات التاريخية والفكرية التي أطرت للمفهومين، والتحديات التي واجهت كلا المفهومين، وصور الاستجابات المعرفية لتلك التحديات، مع عناية خاصة بالجهود التي جعلت من مفهوم التكامل المعرفي عنصراً مهماً في محاولات الاستيعاب والتجاوز لعدد من الأطروحات الفكرية التي نظرت لقضية النهضة والتمدن الإسلامي بمفاهيم التجربة الغربية. وفي الفصل الثالث تمت مناقشة مسيرة الفكر الإسلامي في الوهي بأهمية تأسيس التعليم الجامعي على مبادئ التوحيد الإسلامي. كما اشتمل على مناقشة قضية تباين وجهات النظر للعملية المقصودة من التكامل المعرفي، وانعماس وجهات النظر تلك على بعض التجارب في الجامعات الإسلامية التي تبنت فكرة التكامل المعرفي. الفصل الرابع ناقش المبادئ الأساسية التي اتبعت في تطبيق مفهوم التكامل المعرفي في المناهج الجامعية. وناقش بعض مكونات مناهج الدراسة الجامعية من خلال دراسة نقدية للمفاهيم التي أطرتها تجربة الجامعات الغربية. أما في الفصل الخامس فتوجهت العناية الأساسية إلى معالجة موضوعين: الأول منهما، تحليل الطريقة التي صممت بها مناهج كلية معارف الوحي والعلوم الإنسانية، واختبار مناسبتها لاستيعاب أبعاد مفهوم التكامل المعرفي. وفي الموضوع الثاني كان الاهتمام بتقويم المحتوى المعرفي في مناهج الدرجة الجامعية في معارف الوحي الإسلامي والتراث، ومدى تكامل مقررات التخصص المزدوج وتشبعها بالرؤية الإسلامية التي نشدتها التجربة. ويمثل الفصل السادس خاتمة البحث وقد اشتملت على أهم نتائج الدراسة وتوصياتها.