وصف الكتاب:
يتناول الدكتور "أحمد إسماعيل النعيمي" في كتابه "الشعر الجاهلي منطلقاته الفكرية.. وآفاقه الإبداعية"، منطلقات الخطاب الشعري في العصر الجاهلي في مرحلته البكر، حيث عَمد إلى سبر أغوار هذا النتاج الشعري ليستخلص لنا الأفكار والرؤى المودعة في ضرب من النسج وجنس من التصوير بإبداع يخلب الألباب، ويأسر القلوب، فاستخدم مناهج نقدية عدة وخرج بثلاثة أبواب رئيسية، تضمن كل باب أربعة فصول ذات صلة مباشرة بالعنوان الرئيسي لكل باب، فالباب الأول عني بالمنطلقات القبلية في الشعر الجاهلي، تحدث فيه الكاتب عن مهمات الشاعر في ظل انتمائه القبلي، فجاء الفصل الأول بعنوان: "دواوين القبائل... الرواية والتدوين". وفيه تدوين لكل ما يتصل بالقبيلة من أخبار أيامها وحوادثها ومفاخرها ومآثرها وشعر شعرائها. أي أن هذه الدواوين اعتبرت أبرز مصادر الشعر الجاهلي وهي التي تعين على فهم الشعر واستنباط موضوعاته والعامل الرئيس الذي أدى إلى ظهور هذا الجنس الأدبي سواء ما يتعلق بالمبدع نفسه، أو ما يتعلق بالبيئة الطبيعية والاجتماعية. بدأت المرحلة الأولى بتدوين المصحف الشريف ثم الحديث النبوي الشريف حتى قبل "إن رواة الأشعار من بعد كانت وسيلتهم الفضلى في جمع الأشعار وتدوينها منهم علماء الحديث في الجرح والتعديل". أما الفصل الثاني، فتحدث عن الغزل القبلي غرضاً شعرياً، بما تمثله (القبيلة) في الحياة البدوية بخاصة كوحدة سياسية واجتماعية واقتصادية مستقلة والشاعر هو عنصر ذائب في كيانها الاجتماعي يشعر أن حق قبيلته عليه أن يقف عليها موهبته الشعرية. أما في العصر الأموي أصبح الولاء للدولة محل القبيلة وسمي بالغزل السياسي وفيه قال طه حسين: "لون من الألوان الفنية الجديدة التي ابتدعها الشعراء المسلمون في العصر الأموي". أما الفصل الثالث، يأتي بعنوان: الشعراء السفراء في العصر الجاهلي، وتجسد الواقع السياسي والقبلي بضرورة اختيار السفراء لها، ولم تجد أفضل من شعرائها للقيام بهذه المهمات وتحقيق تلك الغايات (حتى صار الشعراء بمنزلة الحكام يقولون فيرضي قولهم ويحكمون فيمضي حكمهم". أما الفصل الرابع بعنوان: ملامح الحس القومي في الشعر الجاهلي، وتتحدد ملامحه باجتماع العرب حوله بمكة للحج عند الكعبة، "حيث يطوفون حولها ويعتمرون بالبيت أسبوعاً ويمسحون الحجر الأسود ويسعون بين الصفا والمروة، مرددين تلبية واحدة أشبه ما تكون بهتاف قومي موحد". ويأتي الباب الثاني بعنوان: "الشعراء الجاهليون.. الهموم والمعالجات". ويضم أربعة فصول الأول بعنوان: الشيب وبكاء الشباب.. اليأس والأمل، ويتحدث فيه عن ثنائية الحياة والموت ورغبة الإنسان بالخلود، وتطلعه إلى مشاركة الآلهة الخلود وفزعه من الموت حيث رصد الشعراء الإحساس المادي بالزمن وإيقاظ الشعور بجريانه، وإثارة المخاوف من أعبائه. أما الفصل الثاني بعنوان: المفارقة.. رؤية شعرية وصيغة بلاغية، وفيه شرح لمعنى "الفرق: "الفرق: تفريق بين شيئين فرقاً حتى يفترقا"، وهو يثير لدى القارئ إحساس بالمفارقة تستقطب القناعة، وتحقق التأثير والاستجابة والمتعة وهنا يكمن المعنى الأدبي للمفارقة. أما الفصل الثالث فيتحدث عن صور الشعراء الجاهليين من الوجهة النفسية، وفيه دراسة لما يختلج الفنان أو الأديب أو الشاعر من حالة نفسية كان تحت سلطانها أدت إلى هذا القول أو الإبداع. أما الفصل الرابع بعنوان: التكرار في الشعر الجاهلي ودوافعه، حيث رصد الباحث ظاهرة التكرار من حيث اللغة والإصلاح، والتكرار اللفظي، إضافة إلى التكرار في الحروف ليؤكد لنا أن جذور الشعر الجاهلي وارتباطه بالغناء والموسيقى ضروري ليخلق التأثير المطلوب في المتلقي. أما الباب الثالث بعنوان: "الشعر الجاهلي من المنظور الأسطوري والنقدي" ويحتوي على أربعة فصول: الفصل الأول: الآلهة الإناث في الموروث الأسطوري الشعري، ويبدأ بمعرفة الإنسان البدائي لنوعين من الآلهة الذكرية والأنثوية" إضافة إلى مفهوم "الشمس الآلهة" و"آلهة الحب" و"آلهة العالم الأسفل والموت"، و"المرأة الكاهنة المؤلهة"، وهذا يعني أن للمرأة سفراً خالداً تبوأت فيه مكاناً رفيعاً في الحضارات القديمة، أما الفصل الثاني بعنوان: العدد ودلالاته الأسطورية والزمنية في الشعر الجاهلي، وفيه شرح لمفهوم العدد بوصفه "أحد أنواع اللغة القادرة على التعبير عن كل فكرة" ولا أدل على ذلك من عد العرب الشمس والقمر، إلهين قائمين بذاتهما. أما الفصل الثالث بعنوان: النهشلي.. وقراءته للموروث الشعري، وفيه شرح لسيرة النهشلي وآثاره في كتابه "أنموذج الزمان في شعراء القيروان" وكتابه الثاني "الممتع في علم الشعر وعمله". أما الفصل الرابع بعنوان: الباقلاني الناقد.. ومعلقة امرئ القيس، وفيه تعرض الباحث إلى سيرة "أبي بكر محمد بن الطيب القاضي، المعروف بالباقلاني ودرس فيه "الإعجاز القرآني" في البعدين الديني والأدبي على السواء، حيث كان أشهر علماء عصره خاطراً، وأجودهم لساناً وأوضحهم بياناً وعبرة فضلاً عن تمتعه بقوة الحجة وسرعة البديهة والحفظ. دراسة أدبية هامة، تلقي الضوء على أهم المنطلقات الفكرية والإبداعية للشعر الجاهلي، وأهمية الشعر في تجسيد الواقع الاجتماعي والسياسي في شتى نواحي الثقافة والعلوم والفنون، ليعكس الوجه المشرق للحضارة العربية.