وصف الكتاب:
ما يزال تاريخ العرب في العهد العثماني بحاجة إلى مزيد من الدراسة والتحليل اعتماداً على مصادره الأصلية ووفق منهجية تاريخية موضوعية مجردة عن الآراء والأفكار المسبقة. ولقد شهدت السنوات الأخيرة اهتماماً واضحاً، سواء على مستوى المؤسسات العلمية أو مراكز البحوث أو الأفراد، بالتاريخ العثماني وتوفير مصادره الأساسية من وثائق ومخطوطات وحوليات تاريخية وصحف ومذكرات شخصية وما إلى ذلك، وبالتالي دراسته دراسة موضوعية في ضوء معطيات تلك المجموعات من المصادر. الواقع أن المؤرخين والباحثين الأكاديميين العرب أسهموا، منذ وقت مبكر في دراسة مراحل وجوانب مختلفة من تاريخ العرب في العهد العثماني. وبقدر تعلق الأمر بإسهاماتهم في دراسة الطور الأخير من العهد العثماني فإن اهتماماتهم انصرفت إلى مواضيع ثلاثة رئيسية وهي العلاقات العربية-التركية في الإطار العثماني، والإدارة العثمانية في الولايات العربية وخصائصها، والتوسع الاستعماري في الوطن العربي وموقف الدولة العثمانية منه. والكتاب الذي بين أيدينا يأتي في سياق هذه الموضوعات الثلاثة. صحيح أنه يحمل عنوان "دور النواب العرب في جلس المبعوثان العثماني 1908-1914"، وأن مؤلفه وجه عناية خاصة إلى التجربة البرلمانية في الدولة العثمانية ومدى مساهمة العرب فيها، إلا أن الكتاب يمس الموضوعات الثلاثة السالفة الذكر بشكل أساسي. فقد تطرق إلى العلاقات العربية-التركية من خلال الحديث عن النواب والنشاط القومي العربي وموقفهم من سياسة التتريك التي تبنتها جمعية الاتحاد والترقي منذ سنة 1909، بعد شهر عسل قصير في العلاقات العربية-التركية إثر الانقلاب الذي دبرته تلك الجمعية في تموز 1908 ضد السلطان عبد الحميد الثاني (1876-1909). كما تطرق الكتاب إلى موضوع الإدارة العثمانية في الولايات العربية من خلال دراسة مساعي النواب العرب في مجلس المبعوثان ومطالبتهم المستمرة بإصلاح أوضاع الولايات العربية إدارياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً. وتناول أيضاً موضوع التوسع الاستعماري في الوطن العربي من خلال دراسة موقف النواب العرب من خطر الاستيطان الصهيوني في فلسطين، ومن الاحتلال الإيطالي لليبيا سنة 1911. ولا تكمن أهمية هذا الكتاب، أصلاً، في موضوعه حسب، بل في طبيعة معالجة الموضوع، والمصادر التي اعتمدها الباحث وهي جيدة كماً ونوعاً. فقد تنوعت تلك المصادر ما بين وثائق غير منشورة ووثائق منشورة، في مقدمتها وقائع مجلس المبعوثان "النواب: العثماني، ومخطوطات وسالنامات وقوانين وأنظمة عثمانية ومراجع عربية ومعربة وإنكليز وروسية، ورسائل جامعية، وصحف ومجلات..