وصف الكتاب:
في زمن سادت فيه الجهالة، وانتشرت الضلالة، وكان العراق فيه أشد ما يكون حاجة إلى رجال مخلصين يسيرون به على النهج السوي، وينهضون بجناحه المهيض من حضيض المكانة إلى مطار السّؤدد والمجد، فقدت الأمة رجالاً، والرجال قليل، هو ذخرها الباقي، وعزاؤها الوحيد، عما خسرت من تراث ومقومات ومشخصات، بل هو كل أملها، ومناج رجائها، في إصلاح حياتها العلمية والعملية، فكان لمنعاه من الوقع ما هزّ عالم العلم من مطلعه إلى مغربه، ومن الدوي ما ردّدت صداه ضفاف النيل، وشواطئ بردى، وصحاري الجزيرة العربية. ذلكم هو أستاذنا الإمام الجليل السيد محمود شكري الألوسي، وكفى باسمه غُنية عن الإشادة بذكره. ولما كنت أشد الناس اتصالاً به ومثافنة له، ومعرفة بأحواله، فقد بعثني باعث الواجب والوفاء له وللتاريخ معاً على أن أشرح سيرته العلمية والعملية وأخدم بها التاريخ الحديث، فقمت بذلك في أوقات مختلفة كنت أختلسها من سوانح الدهر على قدر ما وسعني وبلغت إليه يد الإمكان، ثم صّدرتها بمقدمة وشرحت بها تاريخ أسرته ورهطه الأذنين وذيلتها من كلمات التعازي وتآبين العلماء والشعراء بشذرات هي إلى الحقيقة أقرب منها إلى الخطابة والشعر، فتألف منها هذا الكتاب الذي بين يديك.