وصف الكتاب:
توفي الملك الهاشمي فيصل الأول، وتسنم عرض العراق سنة 1924 شاب في مقتبل العمر هو الملك غازي ابن الملك فيصل، ليبدأ النزاع بينه وبين بريطانيا من جهة، وبينه وبين الباشوات الذين يرون مصالحهم في وقوفهم إلى جانب الدولة القوية (بريطانيا) وتأمين مصالحها على حساب العراق وأبناء العراق. وبدأ الصراع بين الملك الذي يرى في إنكلترا عدواً وفي الدائرين في فلكها عملاء يجب التخلص منهم، وبادلت بريطانيا الملك الكراهية والبغضاء فأوعزت لأنصارها وعملائها للتآمر على العرش ومحاولة التخلص من الملك، أو احتوائه، وكان على رأس المناوئين للملك رئيس الوزارة العراقية ياسين الهاشمي الذي شجّعه الإنكليز على محاصرة الملك حتى يحين وقت التخلص منه. وهزّ عرش العراق وأثر على الملك الشاب تأثيراً كبيراً؛ حادث اعتبر آنئذ فاجعة كبيرة، وهو فرار الأميرة عزة شقيقة الملك غازي مع خادم يوناني والزواج منه. ولعل هذه الحادثة لم تكن إلا جزءاً من المؤامرات التي تحاك ضد الملك غازي لعلها تنال منه، وتساعدهم على تحجيمه أو استبداله بغيره أو اغتياله، فحاول ياسين الهاشمي التضييق على الملك. وكان من الطبيعي أن يفكر الملك بالإطاحة بالهاشمي، لا سيما بعد وصوله الأخبار إليه بأن الهاشمي مزمع على القيام بانقلاب واستسلامه رئاسة الجمهورية ويستلم الكيلاني الوزراء. وكان في نظر الهاشمي والكيلاني أن الذي سيقوم بالانقلاب لصالحهما قائد الجيش بكر صدقي. ولكن الذي قلب الموازين تنسيق بكر صدقي مع الملك بالقيام بالانقلاب والإطاحة بوزارة الهاشمي الذي كان ميله شديداً نحو بريطانيا، ومن لطبيعي أن يتعاون الملك وبكر صدقي فهما متفقان بالرأي وبكراهية الإنكليز، وبالميل إلى العروبة، وكلاهما قوي عنيد. ومن صفات بكر صدقي أنه: قاس، قوي التصميم، عنيد، شجاع، سريع في اتخاذ القرارات، له طريقة خاصة في اختيار الرجال المناسبين لأغراضهم. لا يشعر لبريطانيا، لا بالودّ ولا بالاحترام. هذه السمات جعلت عدوه بحيرة لا يحسد عليها. وكان الانقلاب في 29 تشرين أول سنة 1936، ولم يكن صدفةن ورجاله: بكر صدقي، وحكمت سليمان، وجعفر أبو الثمن، وحركة الأهالي برئاسة الجادرجي، وعلى رأسهم الملك غازي. كان الانقلاب مفاجأة للإنكليز لم يحسبوا له أي حساب، ورجاله كلهم ضد بريطانيا، وبعد ذهول استعادت بريطانيا وعيها وبدأت تحرك عملاءها من جديد بعد أن صنفت الرجال الذين يجب عليها القضاء عليهم وعلى رأسهم الملك غازي، وبكر صدقي، وفعلاً اغتيال بكر صدقي، وبعد زمن استطاع المتآمرون اغتيال الملك غازي، وبدأت سلسلة من الاغتيالات لها أول وليس لها آخر. والخلاصة، أن المرحلة التي بدأت باعتلاء الملك غازي العرش واغتياله كانت مرحلة صراع عنيف بين القوى المتضاربة في آرائها وتفكيرها. وقد استطاع المؤلف في كتابه هذا "الملك غازي.." الإلمام بنواحي موضوعه مستعملاً كل إمكاناته في الإتيان بأحداث الفترة بروح علمية وعربية أصيلة، وبأسلوب سهل ممتنع يجعل الكتاب من الكتب الهامة حتى يومنا هذا، لا سيما أن العراق ما زال يعيش الأجواء ذاتها وإن تغير الأشخاص.