وصف الكتاب:
إن من أكبر ما تعتز به الأمم والشعوب، ما يضمه تاريخها من مراكز العلم، والعلماء فيها، وما يشير إلى مظاهر حضارتها. و"مدرسة الإمام أبي حنيفة" من المدارس العريقة في تاريخ العراق، وهي من أبرز معاهد بغداد العلمية. وقد أنشئت عند منتصف القرن الخامس الهجري سنة 459هـ. وافتتحت قبل المدرسة النظامية الشهيرة بخمسة شهور. ووصفها الدكتور مصطفى جواد بأنها: "أول مدرسة منتظمة واسعة أُنشئت في العراق..". ثم أنشئت بعدها المدرسة النظامية، ثم التاجية، ثم مدرسة تركان خاتون.... ثم تُوّجت المدارس في بغداد بالمدرسة المستنصرية الشهيرة التي افتتحت سنة 631هـ. حتى بلغت المدارس الكبيرة في بغداد عند واقعة هولاكو (38) مدرسة. عدا المدارس الصغيرة الملحقة بالمساجد والتكايا والربط، والكتاتيب لتعليم الصغار ذكوراً وإناثاً. وخلال هذا التاريخ الطويل، قد اندثرت تلك المدارس، وتغيّرت خطط بغداد، ومعالمها التاريخية. وزالت تلك المدارس على شهرتها وذيوعها، وبقي صيتها يتردد في تضاعيف كتب التاريخ والأدب. أما "مدرسة الإمام أبي حنيفة"، فهي المدرسة الوحيدة في العراق، بقيت محافظة على مكانها ومكانتها العلمية، طيلة تسعة قرون ونصف، شهدت خلال ذلك أحداثاً جليلة وخطيرة في تاريخ العراق. وبقيت تواصل رسالتها العلمية في مختلف الظروف، يسراً وعسراً، وتلقى رعاية وبراً، وتعاني عنتاً وشدة. وبالنظر للأهمية التي تحتلها هذه المدرسة فقد اهتم الباحث "وليد الأعظمي" بتدوين سيرتها وتاريخها في هذا الكتاب وذلك تخليداً لعلمائها وتمجيداً لها. فتناول في الفصل الأول تاريخ المدرسة ومراحل تطورها، من حيث التنظيم، والمناهج، وأسلوب التعليم، وما يتعلق بذلك. وخصص الفصل الثاني في تراجم الذين تولوا مشيختها وعمادتها، ورتّبتهم حسب تاريخ تسلسل تولّي المشيخة والعمادة. وجعل الفصل الثالث في تراجم الذين تولّوا التدريس فيها. ورتبهم حسب تسلسل وفياتهم، وأما الاحياء فقد رتبهم على تاريخ تولّدهم. وجعل في آخر الكتاب ملحقاً بأسماء الأساتذة الذين شغلوا وظيفة التدريس فيها، من غير العراقيين.